أما الأصل الأول: فيدل عليه أن ما يعرف بالبديهة أن العشرة أكثر من الخمسة فهذا لا يجوز إنتفاؤه.
وأما الأصل الثاني: وهو أنه قد انتف العلم فذلك ظاهر فإنا قد علمنا أن في الناس من يزد بالإسلام وأشتهر به، ثم ارتد فكفر، ونفى عن نفس العلم بالله كابن الرواندي، وأبي عيسى الوراق، وابن المقطع، وغيرهم، فإنهم خرجوا إلى التعطيل لما انتفا عنهم العلم بالله تعالى لأجل ورود الشبهة.
الوجه الثالث: أنا قد علمنا أن معرفة الله تعالى لا تحصل لم النظر واستدل، ولو عرفت بالبديهة لما وقفت على نظر واستدلال، فبطل أن يعرف الله تعالى بالبديهة، وأما أنه لا يجوز أن يعرف بالخبرة والتكرية؛ فلأن الخبرة والتجربة لا تكون طريقا إلى العلم إلا إذا كان مسنده إلى المشاهدة والله تعالى لا يجوز مشاهدته والدلالة المبنية على أصلين:
أحدهما: أن الخبرة والتجربة لا تكون طريقا إلى العلم إلى إذا كان مستندة إلى المشاهدة.
والثاني: أنه لا تجوز مشاهدته.
أما الأصل الأول: وهو أن الخبرة والتجربة لا تكون طريقا إلى العلم إلا إذا كانت مسندة إلى المشاهدة فذلك ظاهر في الخبريات والتجربات نحو: علمنا أن القطن يحترق بالنارن وأن الزجاج يتكسر بالأحجار، فإن ذلك لا يحل لنا إلا بعد مشاهدة القطن واحتراقه، والزجاج وانكساره وتكرر ذلك واختباره من حالهما.
وأما الأصل الثاني: وهو أنه تعالى لا تجوز مشاهدته فسيأتي بيانه.
وأما أنه تعالى لايعرف [58أ] بالمشاهدة فلأنه لو جازت مشاهدته في حال من الأحوال لشاهدناه الآن، ومعلوم أنا لا نشاهده الآن، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:
أحدهما: أنه لو جازت مشاهدته في حال من الأحوال لشاهدناه الآن.
والثاني: أنا لا نشاهده الآن.
Shafi 107