العظمى، ومثله قول الأمير: " الحمد لله الذي جعل الماء طهورا، ولم يجعله نجسا " (1)؛ فإنه أيضا يرشد إلى أنه خروج عن عهدة ما اقتضاه الامتنان الوارد في الآية، فتأمل جيدا.
ومنها: ما اعتمد عليه غير واحد من أصحابنا المتأخرين، من نقل أئمة اللغة وتفسيرهم للطهور بالطاهر المطهر، أو المطهر وحده، كما عن الفاضل الفيومي في كتاب المصباح المنير، أنه قال: " وطهور قيل: مبالغة وأنه بمعنى طاهر، والأكثر أنه لوصف زايد، قال ابن فارس: قال ثعلب: والطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، وقال الأزهري أيضا: الطهور في اللغة هو الطاهر المطهر، وفعول في كلام العرب لمعان، منها فعول لما يفعل به، مثل الطهور لما يتطهر به، والوضوء لما يتوضؤ به، والفطور لما يفطر عليه، والغسول لما يغتسل به، أو يغسل به الشئ، وقوله (عليه السلام): " هو الطهور ماؤه "، أي هو الطاهر المطهر قاله ابن الأثير، قال: وما لم يكن مطهرا فليس بطهور، قال الزمخشري:
" الطهور: البليغ في الطهارة " (2)، قال بعض العلماء: ويفهم من قوله تعالى: (وأنزلنا من السماء ماء طهورا)، أنه طاهر في نفسه مطهر لغيره، لأن قوله: " ماء "، يفهم منه أنه طاهر، لأنه ذكره في معرض الامتنان على العباد، ولا يكون ذلك إلا فيما ينتفع به، فيكون طاهرا في نفسه، وقوله: " طهورا "، يفهم منه صفة زائدة على الطهارة وهي الطهورية.
وإنكار أبي حنيفة استعمال " الطهور " بمعنى الطاهر المطهر غيره، وأنه لمعنى الطاهر فقط، وأن المبالغة في " فعول " إنما هي بزيادة المعنى المصدري كالأكول لكثير الأكل لا يلتفت إليه، بعد مجيء النص من أكثر أهل اللغة، والاحتجاج بقوله: " ريقهن طهور " مردود، بعدم اطراده، وأنه في البيت للمبالغة في الوصف، أو واقع موقع " طاهر " لإقامة الوزن، لأن كل طاهر (3) طهور ولا عكس، ولو كان " طهور " بمعنى " طاهر " مطلقا، لقيل:
ثوب طهور، وخشب طهور، ونحو ذلك وهو ممتنع " إنتهى عبارة المصباح المنير (4).
Shafi 42