وأخذ حاجبه ووزيره، بل نديمه وسميره، بل قليله وكثيره، فوضع عليه الدهق «5» حتى أعفى بما عرفه من ذخائره، وخبره من ودائعه، وحلب عامة أوليائه وعماله والمتصرفين «6» في أمور أمواله، حتى عروا عن لباس اليسار، وعزت أخلافهم دون الاستدرار. وقوطع أبو الحسن المنيعي «7» عن ارتفاعات الغرش «8» على ما علم ارتفاعاته منه قبل للشار، فتمكن منها، واستخلف هناك من تقوى يده في عمله، وشحن الحصار بكوتوال «1» يوثق بأمانته وجلده، وبعث السلطان بعض خواص غلمانه «2» لنقل الشار المأسور إلى حضرته، على سبيل إرفاق له من جهته، فلما سلم إليه، حمله في وثاقه نحو غزنة.
وسمعت بعض الثقات أنه اتفق للغلام أن يكتب إلى أهله بخبره، وما لقيه في حالتي ورده وصدره، ويبشرهم بمنصرفه، فاستدعى الشار في عقاله، وأمره بتولي «3» ذلك بخط يده، فأنعم تفكرا، ثم أظهر تشكرا، وكتب ما هذا معناه:
«أيتها القحبة الرحبة «4»، أترينني أغفل عما أحدثته [186 ب] بعدي من خيانتي في الفراش؟! وتمزيق ما خلفته عليك من مالي وتمحيقه في كل [أنواع الفساد. لقد أنهي إلي جميع ما ركبتيه من فجور، وشربتيه من خمور، وضيعتيه من مالي] «5» في كل منكور ومحظور. وها أنا عائد إليك، وأيم الله لأضعن عليك الدهق وعلى والديك، ولأدقن يديك على رجليك، ولأجعلنك عظة لربات الخدور في الدور، يا كذا وكذا ... ».
واستأنف الشتم حتى علم أنه قد اكتفى واشتفى. ثم طوى الكتاب ودفعه إلى الغلام فطير به بعض ثقاته، فقامت القيامة على أهله، وخفن عدوا سعى بهن، وحرف من صورتهن، وفكرن في أمورهن «6»، فوجدن أصوب الآراء تفريغ الدار، وتقديم الاستتار.
Shafi 343