287

إن المغازي قد عادت مخازي. ألا رب راكض «6» نادم، ورب صوت «7» ظالم، ورب عثور يؤدي «8» إلى ثبور، ورب طمع يهدي إلى طبع، ألا «9» إن هذا الفتح فتح حفظ على الشريعة ماءها، وعلى السنة ذماءها، وعلى النفوس دماءها، وعلى الأموال نماءها، وعلى الحرم غطاءها. أعاد الله به البلاد [161 ب] خلقا جديدا، وأنشأ للناس نشأ حديثا، وعقد الملك عقدا طريفا، فما أولى يومه أن يتخذ عيدا، ويجعل في المتصرفات تاريخا جديدا، وليس العقد مع الله بأنشوطة، فأوفوا الله عهده، كما صدقكم وعده، وإنما عهده عند السلطان أن يحسن النظر، وعهده عند الشيخ الجليل أن يحسن المحضر. وهراة من البلاد شيعة هذه الدولة وعيبتها «1»، فإن حط عن حملها العلاوة، وأزيل عن عبرتها الإتاوة، فلله هذا النظر ما أحلى ثماره، وأكرم آثاره» «2».

فلما وضعت هذه الحرب أوزارها، وأفاضت غرة النصر أنوارها، سنح للسلطان أن يكبح أعنته إلى جانب الهند للإيقاع بالمعروف بنواسه شاه «3» أحد أولاد ملوك الهند. كان نصبه ببعض ما افتتحه من ممالكهم لخلافته على سد ثغورها، وتحصين أطرافها وحدودها، إذ كان قد استحوذ عليه السلطان «4» فارتد في حافرة الشرك، وانسلخ عن جلدة الإسلام، وراطن زعماء الكفار على خلع ربقة الدين، والانفصام عن عروة الحبل المتين، فصرف «5» عنانه فوره [162 أ] إليه، وصب سيوفا تقطر من دماء مخالفيه عليه، ركضا بادر أفواج الرياح، واختصر أوقات الإظلام والإصباح، حتى نفاه عن مثواه، وملك عليه جملة ما حواه، وأعاد إلى تلك البقاع بهجة ملكه وسلطانه، وحصد نجوم الشرك عنها بحدي سيفه وسنانه، فذاك برهانان من الله في إعلاء دولته، وإشاعة دعوته، وإعزاز نصرته، وإفلاج حجته، ويسر الله له الانقلاب إلى غزنة مظاهرا له بين نصرين يتجاذبان «6» فخامة وجلالة، ويتباريان نباهة وجزالة، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم «7».

Shafi 297