واستنزل أيلك عن صهوات الخيول [إلى صعيد الأرض] «1» زهاء ألف غلام يفلقون الشعور أنصافا، وينصبون وسائط الأهداب أهدافا، فشكوا بالنبال تجافيف الفيول، وشقوا بالنصال سرابيل الخيول.
ولما جد الأمر، واحتد الجمر، وأعضل الداء، واستفحل الأعداء، وزخر وادي الخطب بمده، وكاد يخرج بادي الشر عن حده، نزل السلطان إلى صعيد ربوة كان تشرفها «2» لتدبر عطفات «3» الحرب، وتلافي نزقات ذلك المركب الصعب، فوضع لله خده، وعفر شعره، وأرسل دمعه، وقدم نذره، ودعا الله أن يحرس ملكه، ويحسن فلجه ونصره، ثم وثب إلى قعدته من فيلته المغتلمة، فحمل بها وبسائر خاصته [159 ب] على قلب أيلك، فأهوى الفيل إلى صاحب رايته، فاختطفه بها من سرجه، ورمى به في الهواء من فوقه، وتخلل الآخرين حطما بخرطومه، وشكا بأنيابه، ودوسا بأظلافه. وانثال أولياء السلطان على الآخرين بسيوف تلغ في الدماء، وترشف أحساء الأحشاء، فطارت قلوبهم هواء، واستحالت قواهم هباء، وولوا على أعقابهم نافرين، وتبعهم الطلب بظبات القسر والقهر، إلى أن لفظتهم خراسان إلى ما وراء النهر. ولقد أحسن [أبو الحسن] «4» السلامي في قوله، فكأنما وصف حاله، ومدح آثاره وأفعاله:
يا سيف دين الله ما أرضى العدى ... لو أن سيفك مثل عدلك يعدل
ما أن سننت لهم سنانا في الوغى ... إلا أطل عليه منهم أيطل «5»
Shafi 293