279

ولما قرب أرسلان الجاذب من نسا، رحل «9» متوجها نحو سيمبار «10»، وأزعجه الطلب نحو جرجان، فركب قلل تلك الجبال بين الآجام الملتفة، والغياض المحتفة، والمخارق الضيقة، والمخارم المضطربة. وتسلط الكراكلة «1» على أثقاله، وأفناء رجاله، حتى فشت نكايتهم فيه. واستأمن إلى شمس المعالي قابوس بن وشمكير طائفة «2» من أهل جملته، لعدم المراكب، وذهاب الحرائب. وانفل هو على سمت دهستان حتى عاد إلى نسا ، وجمع ما بقي عليه من تلك الأثقال، فأصدرها إلى خوارزمشاه أبي الحسن علي ابن مأمون يستودعه إياها «3» أمانة لأيلك الخان، وحذره [157 أ] أن يمد إليها بغير الصيانة يده، وأصحبها رجالة عسكره والعجزة منهم عن صحبته، واقتحم المفازة متوجها نحو مرو. وكان السلطان قد انحدر إلى طوس مراعيا ما يسفر عنه ركض أرسلان الجاذب على أثره، وإلصاقه الطلب الحثيث به، فلما بلغه ركوب سباشي تكين عرض المسافة، أسرى على طريق مرو معارضا له في مسيره، وناقضا عليه قوى تدبيره، فوصل إليه «4» مخلصه «5» عن وعثاء تلك البيداء، ورماه بأبي عبد الله محمد بن إبراهيم الطائي زعيم العرب، وبسائر قواده، رجال «6» يرون الملاحم ولائم، والوقائع نقائع «7»، وسيوف الضراب عرائس، وصفوف الكماة فرائس، فكان كما قال سعيد بن حسان:

فررت من معن وإفلاسه ... إلى اليزيدي أبي واقد

فكنت كالساعي إلى مثعب ... موائلا من سبل الراعد

Shafi 289