243

نعم، ولا أحرص على إنصاف الرعية، وآخذ بأطراف العدل في القضية، وأبرع في الآداب والحكم، وأجمع بين ذرابة «11» السيف وذلاقة «12» القلم، ورسائله موجودة في البلاد عند الأفراد، لكني أكتفي منها بلمعة «1» من بوارق بيانه «2»، وزهرة من حدائق إحسانه، إذ كان في تصفحها ما يغني عن التكثر في هذا المكان بها، فمنها رسالة أنشأها في الترجيح بين أصحاب «3» النبي صلى الله عليه وسلم «4» بعقب رسائله [137 أ] القديمة، [وقرائنه اليتيمة] «5»، وهي:

بسم الله الرحمن الرحيم «6»

اعلم أن أصعب الأمور، وأشرفها بين الجمهور، هو الخروج بالنبوة، والاستعلاء على الخلق بهذه القوة، لأنه تقليب الوجوه عن القبل المعبودة، وإدخال الأعناق في قلادة غير معهودة، ومخاطبة الخلق عن الخالق، خالق «7» لا تدركه أبصار الخلائق. وقد اعتلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ذروة هذا الشرف، وصار لمن سلف من الأنبياء [صلوات الله عليهم] «8» خير الخلف. وفاز بمزية هذا الذكر العظيم، وأذاق العرب لذة النعيم، ونقلهم إلى الثروة والغنى «9» من الفقر والفاقة، وأراحهم من رعاية الجمل والناقة، وليس وراءه لا بتغاء العلى أمد، فما فوق السماء للسمو مصعد.

Shafi 252