145

وقد كان بين فائق وبكتوزون سخيمة، وإحنة في الصدور «8» قديمة، فاستحلفه أبو الحارث «9» على الإغماض له فيها، والإغضاء عنها، والعفو عما حز في صدره منها، استثباتا لإقدامهما في الطاعة، واستجماعا لأهوائهما في المتابعة «10». فأظهر «11» الانقياد، وحلف بما أراد، واستقرت أمور السالارية بخراسان «12» على بكتوزون؛ فجبى أموال خراسان لأبي الحارث من غير منازع ولا مدافع، إلى أن طارت النعرة في رأسه، فارتقى من قصد سلطانه وولي نعمته، إلى ما عرض به الملك للهلك، والدولة للعولة «1»، وأرخ الدهر بعار لا يرحض «2» عنه وضره «3»، ولا يدفع عن وجهه قتره.

ذكر ما جرى بين الأمير سيف الدولة وبين الأمير إسماعيل أخيه بعد

انتصابه في الإمارة منصب أبيه

ولما اخترم الأمير سبكتكين واستقر الأمر على إسماعيل، طمح أهل العسكر إلى مال البيعة، فأمر به، فأطلق لهم استحقاقهم المعين استصلاحا لذات البين. [81 ب] ثم أحس القوم خورا في عوده، ورخاوة في عنان تدبيره، لحداثة سنه وطراءة شبابه، وإشفاقه على نفسه من جانب أخيه وقصده، وانتزاعه الأمر من يده، فاستوطأوا مركب الطمع، واستسهلوا جانب التحكم، وتحزبوا للمطالبة بزيادات على الراتبة «4» لهم، حتى استغرق ذلك ما خلفه الأمير سبكتكين، وخلت الخزانة عما يسع الاستظهار به. فاضطر إسماعيل إلى أن يفزع «5» فيما ينوبه آنفا من مؤمن أطماعهم إلى العدة التي كانت مذخورة له بغزنة، فلو بقوا على جملتهم في التسحب عليه، لأسرع تمزق شمل تلك الأموال، وتفرق جمع الأولياء والرجال.

Shafi 153