135

وعطف الأمير سبكتكين بعد ذلك إلى بلخ، وعاد سيف الدولة إلى نيسابور. وقد كان أبو الحسن بن أبي علي بن سيمجور مقيما بقاين «1» عند الوقعة بناحية طوس، فلما سمع بانكشاف عسكر أبيه، ركب المسافة نحو الري، فآواه فخر الدولة وأكرمه، وخلع عليه فضله وكرمه، وأمر له بخمسين ألف درهم مشاهرة تدر عليه عند ولاد كل شهر، وأضاف إليه من المبار والصلات ووجوه الأحبية والكرامات، ما تميز به عن أشكاله رعاية لحق أبيه، وتبجحا بحصول مثله في جملة أوليائه وحملة أياديه. فأغراه سوء القضاء ودرك الشقاء بالهرب من مفترش الراحة، ومتوسد الدعة «2»، ومضطجع الرفاهية، ومرتفق السلامة والعافية، حتى زخ «3» بنفسه في قحمة «4» الثبور من كورة نيسابور مطاوعة لهوى له كان زعم بها، وظن أن استتاره يطوي خبره، ويخفي عينيه وأثره، إلى أن يقضي من «5» هواه وطره.

فلم يرعه إلا إحاطة «6» الطلب به من حوالي [75 ب] مستتره، فاحترشوه «7» كما يحترش الضب من جحره، وعجلوا به إلى الحبس من فوره، وحمل بعد ذلك إلى معتقل أبيه، إلى أن نفذ محتوم «8» القضاء فيه، فيا له من أسر هد أسره، وختم بطابع الشقاء عمره، ورحم الله أم المؤمنين أم سلمة حيث تقول:

لو كان معتصما من زلة أحد ... كانت لعائشة الرتبى على الناس

قد ينزع الله من قوم عقولهم ... حتى يتم الذي يقضي على الراس

Shafi 143