165

[89]

أحمق. قال: وما حمقي؟ قال: تقول لي: كان ينبغي ألا تجئ، وإذا جئت وحجبك أن لا تقيم منتظرا، ولما دخلت فلم يقم إليك أن ترجع، ولا تكلمه! لم يكن الصواب غير ما فعلته كله، ولكن والله الذي لا إله إلا هو لأخلقن جاهي، ولأنفقن مالي، حتى أبلغ مكروه أبي عبيد الله. ثم جعل يضرب ظهرا لبطن، ويضطرب يمينا وشمالا، فلا يجد مساغا، ثم ذكر القشيري، وكان أبو عبيد الله أساء به وحجبه، فاستحضره وقال: قد علمت ما ركبك به أبو عبيد الله، فهل عندك في أمره حيلة؟ قال له: ليس بجاهل في صناعته، وإنه لأحذق الناس، وما هو بظنين فيما يتقلده، لأنه أعف الناس، حتى لو كان بنات المهدي في حجره لكان لهن موضعا، وليس بمتهم بانحراف عن هذه الدولة، لأنه ليس يؤتي من ذلك، ولبس يتهم في دينه، لأن عقده وثيق، ولكن هذا كله يجتمع لك في ابنه، فقام الربيع، فقبل عينه، وما زال يدس إلى المهدي من يخبره عبد الله بن أبي عبيد الله. وكان المهدي قد جد في طلب الزنادقة، وغلظ في أمرهم، فقدم عليه بجماعة منهم، في سنة ست وستين ومائة، وأحضر معهم وضاح الشروي، وعبد الله بن أبي عبيد الله، وكان أخذه بمكة، فأدخل على المهدي، فقال: أزنديق أنت؟ قال نعم - وممن يعتقد الزندقة قوم يرون أن جحد ما يدينون به محظور، وأن التقية غير جائزة، وقد دل هذا الخبر على أن عبد الله بن أبي عبيد الله منهم - فقال له المهدي: اقرأ، فقرأ: تباركت وعالموك بعظم الخلق. فأشار الربيع على المهدي بمطالبة أبيه بقتله، فقال المهدي لأبي عبيد الله:

Shafi 165