وشاء الخوري يوحنا عبود أن يلقي موعظة بمناسبة القيامة، فأطبق الإنجيل بعدما تلاه ووضعه في مكانه من عن يمين المذبح، والتفت إلى الشعب فجلسوا جميعا بين يديه وسكتت الكنيسة، فقال:
يا إخوتي المباركين!
القيامة رمز للحياة الجديدة، فسيدنا يسوع المسيح له المجد قال: إن حبة الحنطة إن لم تمت لا تعش، وكذلك نحن إذا ما متنا مع الفادي وقمنا بقيامته، فلا حياة لنا في ذواتنا، إن موت النفوس بالندامة مثل النار التي تنقي القلوب وتصيرها صافية نقية كالفضة الروباص.
ليست القيامة بالتخلص من الصوم والقطاعة والتقشف، وليست القيامة أكل بيض ولحم، بل القيامة أن تخرج من الصوم المقدس كأنك جديد روحا وجسما.
العيد أن يحاسب الرعاة كبارا وصغارا - من الشماس إلى البطرك - ضمائرهم على إهمالهم وتقصيرهم في سياسة الأوقاف والأيتام والقاصرين والقاصرات والأرامل، وأن يسعوا دائما وراء نمو الألفة المسيحية في الطائفة، وأن يسهروا على أعمالنا نحن الكهنة في الضياع، وينصفوا المظلومين منا ومنهم. أنا متأكد يا إخوتي أن أجسادكم نقاها الصوم والانقطاع عن «الزفر»، ولكن من يؤكد لي أن نفوسكم تجددت بالمسيح وتقوت بنعمته؟
إن الركب المتخلعة لا يشددها إلا الإيمان، ولا يتعلم التضحية والمحبة الحقيقة إلا من حضر آلام السيد المسيح وموته يوم الجمعة العظيمة، فهل استفدتم شيئا من صلب المسيح وموته؟ لم يمت المسيح يا أولادي ألفا وتسعمائة مرة، المسيح مات وقام مرة واحدة فقط، وهو جالس الآن عن يمين أبيه السماوي، نحن نحتفل بتذكار موته وقيامته كل سنة لئلا ننسى آخر درس علمنا إياه من على الصليب: «يا أبتاه، اغفر لهم.» أعرفتم لمن غفر؟ غفر لصالبيه، فهل غفرتم أنتم لمن أساء إليكم من أقربائكم؟ ألستم كما كنتم حزبين؟ فأين مسيحيتكم يا أولادي؟
إن الثياب الوسخة تقلع وتغسل كل جمعة، فلماذا لا تقلعون ثيابكم الوسخة؟ يكفي لبسها ثلاث أربع سنين، اقلعوها يا أولادي، أبدلوها بثوب القيامة الأبيض النقي.
إن القدر القذرة لا تشتهي النفس طعامها، بيضوا قدوركم لتقبل نفوسكم على الطعام الذي تطبخون، نحن حاضرون غب الطلب.
إن ما تقدمونه لله بأيد وسخة يسد أنفه إذا رآه، ويحول وجهه عنكم إذا تقدمتم إليه، فلماذا لا تغسلون أيديكم ووجوهكم لتقابلوا ربكم أطهارا أنقياء؟ إن الماء لا ثمن له، فاقتربوا من الماء الحي تتطهروا وتنظفوا، إن دمعة واحدة تمحو ألف خطية.
لا تتعجبوا يا إخوتي، إذا كلمتكم بهذا بلساني ولسان أخوي المشتركين بهذه «التقدمة» التي قدمناها لأجلكم، فنحن مسئولون عنكم كأناس يؤدون حسابكم كما قال بولس الرسول.
Shafi da ba'a sani ba