Wujudiyya: Gabatarwa Ta Gajarta
الوجودية: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
عاش في باريس طيلة حياته، وكان أول من أطلق لفظ «الوجودي» على سارتر. أراد أن يكون فيلسوف الملموس، وذلك كرد فعل على الفلسفة المثالية التي كانت سائدة في عصره. وباستثناء محاضرات جيفورد البارزة التي نشرت بعنوان «لغز الوجود» (1950)، فإن معظم كتاباته الفلسفية ، بداية من «مذكرات ميتافيزيقية» (1927)، كان ينحو منحى تأمليا. بعد أن اعتنق المذهب الكاثوليكي، ظل محافظا على بعد ديني راسخ. ولكي يوضح الاتحاد الوجودي بين الفلسفة والأدب التخيلي، أشار إلى أن فكره الفلسفي قد يكتشف بالشكل الأمثل في مسرحياته المنشورة على مدار أكثر من 30 عاما.
يستفيض كارل ياسبرز في مفهوم «الإيمان الفلسفي» الذي يفرق بينه وبين كل من الإيمان الديني الموحى والإلحاد. يستتبع هذا الإيمان اعتبار «التسامي» أقوى احتمالية «لوجودنا»، ويعبر عن تجربة فنائنا في «مواقف محدودة» مثل: المعاناة والإحساس بالذنب والموت. وعلى نحو مشابه - إجمالا - لفكر هايدجر عن الوجود المتجه نحو الموت، ينبهنا مفهوم ياسبرز عن الموت باعتباره موقفا محدودا - على سبيل المثال - إلى بعد «وجودي» يفوق تصورنا. بهذه الطريقة، نستطيع بلوغ التسامي بلوغا غير مباشر وليس عن طريق المجادلة العقلانية التقليدية. من وجهة نظر ياسبرز، فإن التسامي هو الآخر المطلق الذي يقوم عليه «وجودنا». ومثل مارسيل، فإنه يتحدث عن «الوجود» باعتباره هدية هذه الكينونة غير الموضوعية التي يسميها التسامي. ومثل هايدجر، فإنه يصر على أن التسامي يظهر نفسه «للوجود» فقط (وهو ما يماثل «الكائن هنا» لهايدجر، أي الطريقة الإنسانية للوجود). وحدهم البشر هم من يفكرون في سبب وجودهم من الأساس، وهذا يثير القضية الوجودية التقليدية المتعلقة بوجودنا المحتمل.
كارل ياسبرز (1883-1969)
نشأ في أسرة ثرية في أولدينبرج بألمانيا، وتدرب على ممارسة الطب، وكان أول عمل رئيسي منشور له هو «الأمراض النفسية العامة» (1913). سرعان ما تحول إلى دراسة الفلسفة، فنشر «سيكولوجية الحياة الإنسانية» (1919)، وعين رئيسا لقسم الفلسفة في هايدلبرج في عام 1921. كان أول من يسمي مذهبه ب «فلسفة الوجود». تركز الوجودية التوحيدية على «مواقف محدودة» مثل المعاناة والإحساس بالذنب والموت. تؤدي تجربة هذه المواقف إلى الإحساس بفنائنا ومعرفتنا المحدودة بما يسميه «التسامي»، أو الأساس الذي يقوم عليه «وجودنا». نظرا إلى «عدم إمكانية الثقة به سياسيا»، حرمه النازيون من درجة الأستاذية في عام 1937. (4) تجربة الاحتمال
كان العمل الذي بنى سمعة سارتر مبكرا هو روايته الفلسفية «الغثيان». وفي فقرة كثيرا ما تقتبس منها ، تجلس شخصية أنطون روكوينتين على مقعد حديقة، متأملا جذور شجرة كستناء:
لقد أسرت لبي. لم أفهم قط على مدار الأيام القليلة الماضية معنى «أن أوجد» ... نحن هنا، كلنا، منزعجون، خجلون من وجودنا، ليس لدينا سبب لنوجد هنا بدلا من هناك، محتارون، مضطربون لسبب غامض، شاعرون بأن بعضنا زائد عن حاجة بعض. كانت هذه الزيادة عن الحاجة هي العلاقة الوحيدة التي بوسعي عقدها بين هذه الأشجار، هذه السياج الشجرية، هذه الممرات. جاهدت عبثا أن أحصي عدد أشجار الكستناء، أو بعدها عن فيليدا، أو طولها مقارنة بشجر الدلب؛ كل منها اختلفت عن النمط الذي حددته لها، فزادت عنه أو نقصت. وأنا أيضا بينها، تافه، ضعيف، فاسق، أمضغ جرة أفكاري، أنا أيضا كنت زائدا عن الحاجة. [وأقصد هنا بكلمة «أنا» نفسي أو أنت أو أي شخص.] من حسن الحظ أنني لم أشعر بالأمر، أنا فقط فهمته، لكني شعرت بعدم الراحة لأني كنت خائفا من أن أشعر به ... فكرت بتردد أن أنفصل عن نفسي، أن أنفصل على الأقل عن أحد هذه الوجودات الزائدة عن الحاجة. لكن موتي - جثتي ودمي المراق على هذا الحصى، وسط هذه النباتات، في هذه الحديقة المتبسمة - كان سيصبح زائدا عن الحاجة هو أيضا. كنت زائدا عن الحاجة إلى ما لا نهاية.
من نواح عدة، يشكل هذا الوصف التخيلي - مثل وصف سول بيلو ل «المصباح الكهربائي الساقط» - «حجة» وجودية، كما يعرض العلاقة الوثيقة التي تربط بين الفلسفة الوجودية والأدب التخيلي. لا يثبت هذا الوصف شيئا أو يفسره، لكنه يمكننا بصورة غير مباشرة من المرور بتجربة؛ وبالتالي - كما يقول هوسرل - أن نرى؛ أي إنها تجسد تجربة نقول فيها: «أجل، هكذا هو الأمر.» في الوضع الحالي، فالتجربة هي عن احتمالنا، عن الحقيقة المجردة بأننا موجودون وأننا لسنا مضطرين إلى الوجود. إنها ليست تلك الحقيقة البديهية القائلة إنه إذا لم يلتق أبوانا، ف «إننا» لن نكون موجودين هنا. على العكس، يستعين الوجوديون من جميع الأقطاب بهذه الرؤية المتكررة فلسفيا التي تركز على الفرق بين «ما» نحن عليه و«وجودنا» من الأساس، مع التشديد على مرورنا بتجربة «عدم» الاضطرار. ماذا يعني كل هذا؟
يرتبط البعد الإنساني للوجودية بحقيقة وجودنا. وما يميز الموحدين عن الملحدين هو إجابة كل منهم عن السؤالين: «لماذا نوجد؟» و«لماذا يوجد أي شيء على الإطلاق بدلا من لا شيء؟» بخلاف فلاسفة مثل برتراند راسل ممن ينكرون أن للسؤال معنى من الأساس، فإن الوجوديين - سواء كانوا موحدين أو ملحدين - يأخذونه على محمل الجد، وكيفية إجاباتهم هي التي تشكل «النزعة الإنسانية» التي يقترحونها. رأينا أننا، في نظر كامو، كنا نواجه تحدي استغلال موقف عبثي استغلالا أمثل. سيتفق سارتر مع روكوينتين بأن وجودنا ليس إلا حقيقة قاسية، وأننا زائدون عن الحاجة. وسيتفق كلاهما مع سطر النهاية السيزيفية لمسرحية سارتر «لا مخرج»: «حسنا، لنواصل الأمر.» ليس معنى أنه لا يوجد أمل مطلق أننا محرومون من أي أمل على الإطلاق؛ فالحكمة المستخلصة من تجربة سيزيف ليست في تثبيت الصخرة لكن في إزاحة عبئها عن كاهله! فمن الأجدى أن نسعى إلى أهداف محدودة لكن يمكن تحقيقها؛ مثل الرواقيين القدامى.
هل الأمل في شيء يفوق جهودنا يشوه قيمتنا الجوهرية أو يحد إمكاناتنا؟ يهتم الموحدون بما يبدو دافعا طبيعيا لتجاوز حدودنا في الأمل والطموح. وبالحديث عن هذه الفقرة من رواية سارتر، يعلق مارسيل قائلا:
أرى أنه من المسلم به أن هذه التجربة حقيقية، ويجب أن يشكل تفسيرها تمهيدا لأي تحليل لأنثروبولوجيا سارتر، وأريد أن أقول فورا إنها، في حد ذاتها، تبدو لي غير قابلة للجدل. مشكلتنا - وهي مشكلة عويصة - هي أن نعرف القيمة التي ننسبها إليها.
Shafi da ba'a sani ba