Wujuda Diniyya
الوجودية الدينية: دراسة في فلسفة باول تيليش
Nau'ikan
9
وبسهولة يمكن ملاحظة كيف أن روح التثليث المسيحي قد شبعت هذه النظرة، سواء بوعي أو بدون وعي من صاحبها؛ فاللاهوت ثلاثي المصادر، يتصدى لثلاثة أسئلة، ليعطي ثلاث إجابات ملائمة لثلاث مراحل حضارية، عانت أنماطا ثلاثة من القلق ... لكن تيليش أسير المشروع الثقافي الغربي، أطر الحضارة الغربية هي القضبان الحديدية التي يصب فيها فكره، اللاهوتي والفلسفي على السواء! •••
فهل يشفع له أن تعامله المرن مع اللاهوت، مكنه من العناية بالحوار بين الديانات المختلفة على أساس أنها جميعا تملك عنصرا مشتركا يتمثل في أن الألوهية هي الاهتمام القصي، وكأنه يواصل حلم أو مشروع «ابن عربي» بوحدة الأديان، وربما يدفعه من أعماقه شعور ممض بأن الحرب العالمية حدثت بسبب من نماء وتعاظم النزعة القومية؛ مما جعله يحلم دائما بمجتمع يضم البشر أجمعين. يقول تيليش حوار لا مواجهة؛ فلا ينبغي أن تنافس الأديان الكبرى بعضها، بل عليها أن تلتقي معا من أجل مواجهة التحدي الحقيقي، وهو أشباه الديانات المعاصرة من قبل النزعة الإنسانية الليبرالية والنزعة القومية والشيوعية والفاشية والنازية والعلمية المتطرفة ... إلخ وتيليش يقول عنها أشباه
Quasi
ديانات، وليس ديانات زائفة
لأنها تحمل تماثلا مع الدين من حيث قوة استحواذ الاهتمام القصي، على الشخص ولحد قد يدفعه لتكريس الحياة، وربما بذلها، إن الدين لن ينتهي أبدا، والهجوم الحقيقي عليه من هؤلاء؛ فلتتحد الأديان معا من أجل السؤال المطروح عن مستقبل الدين في مواجهة انتصار العلمانية الأوتونومية، الذي عم وساد في معظم أنحاء العالم الغربي الآن.
يقول تيليش صراحة: «إننا نسيء إلى يسوع حين نقر بأنه مؤسس ديانة جديدة أو آت بشيء آخر أنقى وأصفى»
10
لم يكن يبحث إلا عن الوجود الجديد. والمسيحية بغير أن تفقد أسسها التاريخية يمكنها استيعاب الكثير من العناصر في الجهود الفلسفية القديمة للتوفيق بين الديانات المختلفة.
فالمسيحية نفسها لم تحدد موقفها حيال الأديان الأخرى، ولا ألغتها جميعا. أنبياء اليهود اعتبروا آلهة الديانة الوثنية مجرد قوى أدنى من يهوا خصوصا فيما يتعلق بالتنبؤ بالمستقبل وتحديده، والاستجابة إلى الصلوات ونشر العدالة. الآلهة الأخرى حقائق منافسة، ويهوا له القوى العليا؛ ثم كان يسوع ليؤكد مطلقية الرب، وأنه الوجود الفريد الذي لا يقارن ولا ينافس. ومع المسيحية المبكرة كان الحكم على الأديان الأخرى تحدده فكرة اللوجوس اليوناني (العقل/الكلمة) الذي هو كائن في معظم الأديان الأخرى.
Shafi da ba'a sani ba