Tukunyar Marmara
الوعاء المرمري
Nau'ikan
فقالت وهي أهدأ: أسألك العفو يا ولدي. إن ضعف المرأة ينطق على لساني، هكذا كنت دائما أثور بأبرهة كلما غضبت، فلا أدري ماذا يثيرني، ثم أهدأ وأذكر أقوالي فأزداد ثورة على نفسي. عفوك يا ولدي، فما أشقاني!
فوضع سيف يده على رأسها ونظر في وجهها قائلا: بل ما أكبر قلبك!
فقالت في رنة الشكر: إنني كالريشة في مهب الهواء، لا أعرف لنفسي وجهة. أقلت لك إنني لا أحس حزنا من أجل أبرهة؟ لقد كنت أكرم مني وأنبل قلبا عندما قلت إنك عرفت اليتم جديدا، وإلا فما الذي حرك كل أشجاني؟ كأنني يا ولدي أعنف عليه ميتا كما كنت أعنف عليه حيا، وألقي عليه اللوم كأنه هو الذي اختار أن يهلك ويدعني تحت رحمة يكسوم. وما كان أجدرني أن أرحمه وأحس فقده. كان بي وبك رحيما، وما زال منذ دخلت هذا القصر يوسع لي من صدره ويصبر على بوادر غضبي، وقد طالما عنفت عليه وثرت به ورميته في وجهه بأنه عدوي وعدو قومي. وطالما أنكرت إلهه في سمعه، ولكنه لم يثر بي مرة ولم يوجه إلي لفظا قاسيا. وها هو ذا يموت عندما كان عازما على أن يهب لك شطرا من ملكه. ها هو ذا يموت ويتركنا. أعد علي كلماتك يا سيف، وعلمني كيف يكون القلب نبيلا. أنت رجل وما أنا إلا امرأة.
وكان سيف ينظر نحو الباب في لهفة يتوقع بين دقيقة وأخرى أن يرى وجه خيلاء.
فلما سكنت أمه شيئا قال لها: ما لي لا أرى خيلاء إلى جنبك؟
فنظرت إليه الأم في شيء يشبه الوجل ولم تجب.
فأعاد سؤاله في لهفة: ما لي لا أرى خيلاء هنا؟ ألا أذهب إليها فأرى ما عاقها عنك؟
فتحركت الأم حركة سريعة فيها ذعر لم تملك أن تخفيه، وقالت: دع خيلاء حيث هي يا سيف.
فقال: أهناك شيء؟
فقالت متداركة: خير لي أن أبقى معك وحدنا في هذه الساعة.
Shafi da ba'a sani ba