82

فقال أبرهة: رأيت رجلا ...

وسكت لحظة كأنه يريد أن يختار لفظا ملائما، ثم قال: ولكن ما جدوى المضي في هذا الحديث؟ قل لي يا أبا عبد الله، أما من سبيل سوى القتال؟

فقال عبد المطلب في هدوء: نحن في قبضة القضاء جميعا، مثل قوم في بحر يتقاذف بهم الموج، وقد هب عليهم إعصار حجب عنهم منظر الأرض والسماء، فماذا نستطيع أن نفعل لأنفسنا سوى أن نتماسك حتى تنجلي عنا غمة العاصفة؟ لا حيلة لنا إلا أن نتماسك ونجاهد حتى تنجلي عنا، فإما غيبتنا الأعماق في ظلامها، وإما خرجنا إلى البر في سلام.

ثم تحفز للقيام قائلا: ومع هذا فلست أيها الملك بأول من نظر فأخطأ.

وكان صوته العميق يرن هادئا كأنه يلقي تحية.

فقال أبرهة: إلى أين يا أبا عبد الله؟

فقال عبد المطلب: هذا آخر ما عندي.

فقال أبرهة: ألك في رأي آخر؟ اجلس يا أبا عبد الله حتى نتم حديثنا.

فجلس عبد المطلب قائلا: إني سامع لما تقول أيها الملك.

فقال أبرهة: ألا تذهب إلى قومك فتحدثهم عني؟

Shafi da ba'a sani ba