Tukunyar Marmara
الوعاء المرمري
Nau'ikan
ومضى سيف قائلا في حماسة: كانت السحب تحيط بالربى الحالمة كأنها إطار من فضة حول نقش بارع، وكانت الأشجار تقطع صفحة السماء بين باسق منها وقصير، في منظر يقصر اللفظ عن وصفه. كان السلام يلف الأرض الصامتة، وكأن صوتا عذبا من أنغام السماء يتردد في طباق الجو قائلا للناس إن الجمال أسمى من المجد، وأغنى من الغنى، وأخلد من الحياة.
وتبسمت ريحانة مرتاحة؛ فهذا خير من الحديث عن حرب قريش وعن جيوش أبرهة وعن التفكير في الأمس والغد. وعجبت أن تسمع من سيف مثل هذا القول الذي يشبه قول الشعراء، ولم يكن عجيبا منه أن يحس الشعر؛ فقد كان جده ذو جدن شاعر اليمن الذي بكى عزها الذليل. وقالت: إذن قضيت لياليك ساهدا.
فضحك سيف وقال: سوف ننام طويلا.
ووثب قلبها وثبة شديدة. ماذا يقول سيف؟
وقالت وهي تنظر إلى الدائرتين المظلمتين حول عينيه: لقد أجهدت نفسك يا ولدي، ألا تصيب بعض الراحة في مضجعك؟
فأغضى سيف وقال في شيء من الارتباك أو السخرية: مضجعي؟
فقالت ريحانة: ماذا بك يا سيف؟
وما كادت تنطق بلسانها حتى انكمشت.
فقال هادئا: عفوك يا أماه، فإني لا أحس رغبة في نوم. دعيني ساعة إلى جنبك فهذا أحب إلي.
وأحست ريحانة إحساسا غامضا بأنها حيال عاصفة توشك أن تهب، وقالت في دفعة لم تفكر فيها: أرى كأنك تخفي عني أشجانا في نفسك.
Shafi da ba'a sani ba