Tukunyar Marmara
الوعاء المرمري
Nau'ikan
فقاطعه أبرهة قائلا: قطعة من غنيمة، تجارة لها ثمن، خديعة يدارون بها الخوف، أعرف هذا كله قبل أن ينطق به غيري. أعرف أنهم لا يبالون شيئا سوى أن ينالوا مآربهم، ولو وجدوا فرصة لانقضوا علي يضربون في ظهري. أليس هذا ما تريد أن تقول؟
فقال الأسود: هذا ما أردت حقا.
فقال أبرهة: تقولون إنني نسيت عداوتي وأقفلت عيني، وخدعني هؤلاء العرب عن نفسي. ألا فاعلم أنت وغيرك ممن يظنون بي السخف والبله أنكم أنتم البلهاء. رأيت العرب يبيعون لي مكرا، فاشتريته بمكر مثله، ويبيعون لي عداوة فاشتريتها بقطعة صغيرة من الحلوى، فهم يظنون أنهم يخدعونني فأدعهم يخدعون أنفسهم. اذهب يا بن مقصود فقل لأصحابك الذين يتحدثون عني أنني أسمع أقوالهم وإن كانت همسا.
وكان قد بلغ قريبا من الباب، فالتفت إلى الوراء نحو باب القصر مما يلي جناح الملكة، وكانت جماعة عدوة تسير من ورائه منذ مر بها، فوقع بصره على حناطة الحميري، فقال له: أعددت سلاحك ودروعك؟ ستجد في مكة حسناوات من قريش يا حناطة. ألست بهن مفتونا أيها الخبيث؟ سوف أهدي إليك أبرعهن حسنا.
وكان عدوة واقفا وراء حناطة يسمو بقامته فوق الرءوس، وشعره الجعد يكلل رأسه وقد امتزج سواده بالبياض.
فقال له أبرهة: كبرنا يا عدوة. كأني أرى نفسي على وجهك أيها الصديق. ولكنا سنحارب مرة أخرى.
فأغضى الرجل متأثرا، ولكنه أحس في صدره قولا يريد أن ينطق به ولا يجرؤ.
وعلت أصوات الطبول، وصاحت كتيبة الجنود المصطفة عند الباب بتحية تشبه صيحات الحرب في جبال الحبشة، وأقبل قائدها يكسوم بن أبرهة فانحنى بما يشبه السجود، فتبسم له أبوه بسمة ضئيلة، ثم أسرع فالتفت إلى ورائه مرة أخرى نحو باب القصر، وتهلل وجهة قائلا: ها هي ذي الملكة.
واقتربت ريحانة تسير بين الصفوف المنفرجة، وكانت في حلة زرقاء موشاة بالذهب وعليها حلية مجوهرة، وسارت رافعة الرأس لا تلتفت إلى أحد. وكانت بسباسة إلى يسارها تزينها حلية ثقيلة من الذهب والجوهر، ولكن شعاع الحسن كان يتنفس عن يسارها من قبل خيلاء. وتقدم يكسوم فساق الفيل الذي يحمل هودج الملكة حتى اقترب منها، فأسلم القياد للسائس وهو يخالس النظر إلى أبيه. وكان وجه أبرهة يشرق بابتسامة وهو يأخذ بيد ريحانة ليساعدها على الصعود في السلم المغطى بالقطيفة الحمراء حتى اعتلت الهودج.
وهمس حناطة لأنيس قائلا: ما تزال العجوز حسناء.
Shafi da ba'a sani ba