108

ثم صفق بيديه في عنف.

وسكت سيف لا يدري ماذا يقصد، حتى سمع ضجة عند باب الإيوان، وصاح يكسوم قائلا: أسرعوا به إلى هنا.

ودفع الجند رجلا يتعثر بينهم في القيود، وكاد سيف يصيح ذعرا: «أبو عاصم!»

واتجه نحوه بغير وعي يمد يده إليه في مواساة، ولكن الجنود جعلوا يدفعون الشيخ في عنف وهم محيطون به حتى أوقفوه أمام يكسوم. وعجب سيف لابتسامة ضئيلة بدت على وجه الشيخ، وأحس في قلبه شعلة لهب.

وقال يكسوم في سخرية وحقد: أما زالت فيك بقية أيها الخبيث؟

وتعلقت الأبصار بوجه الشيخ المجعد وهامته الكبيرة البيضاء التي وقعت عنها عمامتها، وقال من بين ابتسامته: تسألني أبقيت في بقية؟

فصاح به يكسوم: سمعت الصواعق. أما سمعتني؟

فقال الشيخ: عرفت أنك تسألني مثل هذا السؤال وأعددت لك جوابي. فإن كنت قد دبرت في هلاكي خطة وجدت في قولي عذرا. لقد حاربت أباك عندما كنت أنت صغيرا ...

فقاطعه يكسوم: ولم يزدك عفوه إلا خبثا.

فقال أبو عاصم: مهلا! حاربت أباك، وكان يعرف أنه ما كان لي إلا أن أحاربه؛ ولهذا عفا عني، ولو قتلني ما نفعه قتلي.

Shafi da ba'a sani ba