السؤال الرابع: «القول بمخالفة الصحابة أمر النبي ﵌ في صلح الحديبية»:
كيف تقول بعدالة الصحابة، وهم قد عارضوا النبي ﵌ في صلح الحديبية، بسبب عصيانهم لأمره، عندما أمرهم أن يحلقوا وينحروا فلم يستجيبوا لأمره؟ بل إن عمر صرح بالمعارضة لقرار النبي ﵌ في اتفاقه وصلحه مع المشركين فقال للنبي: (ألست نبي الله حقا؟ قال: بلى، قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، فقال عمر: فلم نعط الدنية من ديننا إذًا)؟
الجواب:
أولًا: يجب على المسلم ألا يقذف التهم جزافًا من غير تبيين وتمحيص لأسباب الحوادث وينبغي عليه أن يكون منصفًا إن أراد الحق، ولا يشنع ويقسو ابتداءً على أحد، وخاصة أصحاب النبي ﵌ بغير علم، ولابد أن يعرف مقدار حب الصحابة لنبيهم، والذي تجلى واضحًا في أحوال ومناسبات عديدة، ومنها مبادرتهم إلى التبرك بأثره ﵌ من أخذ فضل وضوئه، ولم يكن ليبصق ﵌ بصاقًا ولا يتنخم نخامة إلا ويتلقونها بأكفهم فيدلكوا بها وجوههم وأجسادهم، ولم تسقط منه شعرة ﵌ إلا ويبتدرون إلى أخذها لنيل البركة منه مثلما جاء في رواية عروة بن مسعود (^١).
ثانيًا: الصحابة في صلح الحديبية لم يعصوا النبي ﵌ عندما أمرهم، بل كان لهم شوق عظيم لبيت الله الحرام، فتمنوا عندما أمرهم النبي ﵌ بقطع العمرة والتحلل بحلق رؤوسهم لو يغيّر النبي ﵌ من حكمه، أو ينزل الله ﵎ شيئًا من الوحي يأمر... نبيه ﵌ بأن يدخل مكة، فانتظروا جميعهم (بلا استثناء) لعل شيئًا من ذلك يقع!، ولذلك تمهلوا قليلًا في تنفيذ أمر النبي ﵌ رغبة في حدوث مثل هذا الرجاء، فلما خرج النبي ﵌