رحمهما الله تعالى، ولم أعرف المختار ولا أحمد، الذي ذكر في أبياته. وقد رأيت
قصيدة رائية له عند العبد اللاوي الفاسي، فكنت أريد أن أنسخها منه، فوقع مانع منع من ذلك. وأول منظومته التي شرحها سيدي العربي بن السائح رحمه الله تعالى:
قال ابن باب العلويّ نسبه ... المغربيّ المالكيّ مذهبهْ
الحمد للجاعل الأوْلياءِ ... ورثه الكُمّل الأنبياءِ
والجاعل النبيّ خيرَ الأنبيا ... وشيخنا أحمد خير الأوليا
حمدًا يدومُ بدوام النعم على الخلائق وكل مسلم
الهادي بن محمد
المتفدم، وشقيق محمد المتقدم أيضا. كان فقيها محققا وخنذيدا مفلقا، رزق فهما ثاقبا ورأيا صائبا، أحد الرواة المتقنين والعُبَّاد الناسكين، كان موجودا في أيامنا هذه، وبلغنا موته ونحن بدمشق، سنة تسع عشرة وثلاثمائة وألف. وكان غاية في الظرف ومعرفة آداب المجالس، له اليد الطولى في نسج الشعر ونظم الأزجال العامية، وقلما تساويا عند شخص، بل لابد أن يكون الشخص أتقن لأحدهما من الآخر. وكان الظلمة من قبائل حسّان يخافون من لسانه، لأنه كان يذكر قبائحهم في أزجاله فتحفظها العامة، وكانوا يتأثرون منها أكثر مما لو كان نظمها بالشعر الحقيقي. فمن ذلك قوله فيهم:
مَذَ مِنْ وَخْشِ: فينا يتْمَشَّ ... مَاهُ آمْخَلِّ شِ: آلاهُ امْخَلِّ شَ
قوله: مذ: أصله ماذا، فساقها على عرف العامة هناك. والوخش: رذال الناس وسقاطهم وهي عربية خالصة. وقوله ماه امخل ش: معناه إنه لا يترك شيئا. وقوله ألاه امخل ش: اصله شاة، وهو من عطف الخاص على العام، وهذا النظم يسمونه كاف (بكاف معقودة) وضابطه أن يكون الشطران مختومان بحرف
1 / 72