قد غبن بالوصل ممن لم يغب جزعي ... من بعد ما غاب عنا وجهها الحسَنُ
بمن إذا قابلت يومًا محدّثةً ... تحاسَدَتْ عند ذاك العين والأذن
بانوا بها لا سَقى السّاقي مطَيَّهُمُ ... ولا رعَتْ ما وَشاهُ العارضُ الهتن
يا ظاعنين ولى نفس تصاحبهم ... في بينهم حيثما ساروا وما سكنوا
حملتموني ثقلًا من تحملكم ... يعوق جَلْدَ القوى عن حمله الوهَنُ
إن ظَلْتُ بعدكم أدعو الربوع لِمَا ... هاجت لقلبي من ذكراكم الدِّمنُ
تعتادني زفرة يرتدُّ صاعدها ... عن عبرة ضاق عن منهلَّها الجفنُ
فإنني ببكا غَيْلان ربع لوى حزوى ... أو أربع وعسى مشرق قمنُ
ليت الأُلى ظعنوا بالقلب إذ ظعنوا ... لم يظعنوا والألى لم يظعنوا ظعنوا
وما وقع بينه وبين سيدي محمد بن الشيخ سيدي رحمهما الله، ذكره اكثر منه. كان محمد هذا رحمه لله في غاية الآداب، ولا يلاحى الناس، ولم تزل الفتن تقه بواسطة أهل الوشاية، ونقل الأخبار على غير وجهها، فاتفق أن أحد الأدباء من تلامذة الشيخ سيدي، أنشد أبياتا لسيدي محمد المذكور وأوّلها:
يا معملين قلاصًا حاكت الحِرَفا ... صارت وصارتْ لها أنواعه حرفا
فتوقف محمد المذكور في جمع حَرْفٍ على حِرَفٍ، وهو في الحقيقة غير مقيس، ولم ينكر، فابلغ ذلك الأديب سيدي محمد المذكور، أن ابن محمد لحنه، فكتب إليه:
يا منكرًا جمعنا حَرْفًا على حِرَفٍ ... لتَتَّئِدْ لا تكن للمرتمي هدفا
إنكار من ليس يدرى اشدد به غَرَرا ... إذ هو من جُرُف الألحان فوق شفا
ينهارُ من هَذَرٍ والصمت يثبتُهُ ... والفرّ قبل اللحاقِ للجبان شِفا
لو خضت لُجةَ قاموس وجدت به ... درًّا جلا جلوه مصباح الدجى السُّدفا
حرف الكدى لا سزاه جمعهُ حِرَف ... وزانه عِنَبٌ والجمع قد عُرفا
ثانيه طَلٌّ ولم يجمع على فِعَلٍ ... فَعْل سوى ذَيْن قد كانا به اتّصفا
والعلم ذو كثرةٍ في الصحف منتشرٌ ... وأنت يا خلٌّ لم تستكمل الصحفا
1 / 60