وقوله: ﴿بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢١٣] أي: بعلمه وإرادته فيهم، قال ابن عباس: يريد: كان في قضائي وقدري.
قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾ [البقرة: ٢١٤] الآية، قال عطاء، عن ابن عباس: لما دخل رسول الله ﷺ المدينة اشتد الضر عليهم لأنهم خرجوا بلا مال، وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله ﷺ، فأنزل الله ﷿ تطييبا لقلوبهم: أم حسبتم.
معناه: بل أحسبتم؟ ﴿أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٤] أي: ولم يأتكم، وما صلة، ﴿مَثَلُ الَّذِينَ﴾ [البقرة: ٢١٤] أي: شبه الذين، خلوا مضوا، من قبلكم من النبيين والمؤمنين، وفي الكلام حذف تقديره: مثل محنة الذين، أو مثل مصيبة الذين من قبلكم، والمثل والمثل: واحد.
ثم ذكر ما أصابهم فقال: ﴿مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ﴾ [البقرة: ٢١٤] قال عطاء: يريد: الفقر الشديد، والضراء المرض والجوع، ﴿وَزُلْزِلُوا﴾ [البقرة: ٢١٤]: حركوا بأنواع البلايا والرزايا، ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ﴾ [البقرة: ٢١٤] إلى أن يقول الرسول، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢١٤]؟ أي: بلغ منهم الجهد إلى أن استبطئوا النصر، فقال الله تعالى: ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ٢١٤] أي: أنا ناصر أوليائي لا محالة، ونصري قريب منهم.
وقرئ حتى يقولُ الرسول رفعا، كما تقول: سرت حتى أدخلها.
بمعنى: سرت فأدخلها، بمنزلة: سرت فدخلتها، وحتى ههنا مما لا يعمل في الفعل شيئا، لأنها تلي الجمل، تقول: سرت حتى إني كال، وكقول الفرزدق:
فيا عجبا حتى كليب تسبني