قوله: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ﴾ [البقرة: ١٦٦] العامل فِي إذ معنى شديد من قوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴿١٦٥﴾ إِذْ تَبَرَّأَ﴾ [البقرة: ١٦٥-١٦٦] كأنه قيل وقت تبرؤ الذين ابتعدوا، يعني: المتبوعين فِي الشرك والشر، ﴿مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة: ١٦٦] يعني: السلفة والأتباع، ورأوا العذاب عاينوا جهنم.
وقوله: ﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ﴾ [البقرة: ١٦٦] الباء ههنا بمعنى عن، كقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٩] أي: عنه.
والأسباب معناها فِي اللغة: الحبال، ثم يقال لكل شيء وصلت به إلى موضع أو حاجة تريدها: سبب.
ويقال للطريق: سبب.
لأنه بسلوكه تصل إلى الموضع الذي تريده، قال الله تعالى: فأتبع سببا أي: طريقا وأسباب السموات: أبوابها، لأن الوصول إليها يكون بدخولها، والمودة بين القوم تسمى: سببا، لأنهم بها يتواصلون، ومنه قول لبيد:
بل ما تذكر من نوار وقد نأت ... وتقطعت أسبابها ورمامها
قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: يعني: أسباب المودة والوصلات التي كانت بينهم فِي الدنيا تقطعت، وصارت مخالتهم عداوة.
﴿وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة: ١٦٧] وهم الأتباع، ﴿لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً﴾ [البقرة: ١٦٧] أي: رجع إلى الدنيا، ﴿فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٦٧] وهو جواب التمني بالفاء.
قال الكسائي: تأويله: لو أن لنا أن نكر فنتبرأ منهم فِي الدنيا لو رجعنا إليها، كما تبرءوا هم، منا اليوم.