ونظرا لهذا الواقع فإننا لن نتوقف كثيرا عند سيرة حياة جان ليون، والتي لا نعرف عنها فعلا أكثر مما كتبه المستشرق الفرنسي ما سينيون في كتابه. وتتلخص هذه السيرة فيما يلي:
ولد الحسن بن محمد الوزان الزياتي في غرناطه في تاريخ غير معروف بدقة، يتراوح بين عامي 1489، 1495 (م) (9). والحسن هو اسمه، ومحمد اسم والده، والوزان لقب أسرته، مما يدل على أن أحد أجداده شغل وظيفة في مصلحة الموازين العامة.
والزياتي كلمة تدل على نسبه القبلي، أي تدل على قبيلته الأصلية التي انحدر منها. ولم نستطع تحديد النسب المذكور، غير أن كتاب نزهة الهادي، ترجمة هوداس ص 227 و322 يذكر أنه كان في القرن السادس عشر والسابع عشر (م) (10) شخصيتان مغربيتان تحملان هذا النسب، هما الشارح الأديب الحسن الزياتي والإمام سيدي الحسن الزياتي.
وعلى أثر استيلاء الملكين الكاثوليكيين، فرديناند الخامس وإيزابيلا في كانون الثاني (يناير) عام 1492 م (11) والذي أعقب طرد المسلمين المتمسكين بدينهم، التجأت أسرة الحسن إلى فاس، حيث شغلت وظيفة مرموقة، وقد أتم هذا الولد تحصيله متبعا الأسلوب الذي لا يزال حتى اليوم أسلوب مثقفي أيامنا في مدارس فاس وفي جامعة القرويين الإسلامية. وعمل بعد ذلك مدة عامين أمينا عاما لمستشفى الأمراض العقلية في فاس ثم أصبح «طالبا» كالطلبة الذين نرى الكثير منهم حاليا في المغرب، وتجول في سن مبكرة في البلاد، وكان لديه شغف في استنساخ شواهد القبور لبعض مشاهير الرجال.
وعمل من ذلك مجموعة قدمها هدية لشقيق السلطان. وتعطينا هذه التفاصيل فكرة عن مستواه الاجتماعي. أما أبوه فقد كان موظفا حسبما تشير بعض الدلائل. ويروي لنا أيضا أن صاحب الترجمة قام برحلة، وهو لا يزال شابا، إلى القسطنطينية والمشرق العربي، وصاحب أحد أعمامه، وهو في سن السابعة عشر، في رحلته إلى تومبكتو. وكان عمه هذا خطيبا مفوها اختاره السلطان سفيرا له في تومبكتو، لدى السلطان السوداني الكبير، اسكيا محمد توره.
وقد ثابر على تجواله في بلاد المغرب لحساب السلطان، وذلك قبل قيامه برحلة ثانية
Shafi 20