214

إلى أن يبل من مرضه أو يموت. وفي هذا المارستان بضع غرف مخصصة للمجانين، أي لأولئك المخبولين الذين يقذفون بالحجارة أو يرتكبون أشكالا أخرى من الأذى. وهنا يقيدون فيه ويكبلون بالأغلال والسلاسل. وتكون حواجز هذه الغرف المطلة على الممشى وعلى داخل البناية مسورة بعوارض خشبية متينة جدا. وعند ما يرى الشخص، المكلف بتقديم الطعام لهؤلاء المجانين، نوعا من هياج لدى أحدهم، فإنه يكيل له عدة ضربات متوالية من عصى يحملها دوما لهذا الغرض. وقد يحدث أن يقترب أحيانا أحد الغرباء من هذه الغرف، فيناديه المجانين ويشكون له استمرار احتجازهم في السجن رغم شفائهم من مرضهم، وأنهم يتعرضون يوميا لألف معاملة سيئة من حراسهم. وإذا وثق المار بكلام أحدهم واتكأ على حافة نافذة مهجع أحدهم، فإن المجنون يمد يده ويمسك بتلابيبه ويقوم باليد الأخرى بتمريغ وجهه بالبراز، إذ على الرغم من وجود مرحاض لدى هؤلاء المجانين، فإنهم، في الغالب، يقضون حاجتهم في وسط الحجرة وعلى الحراس تنظيف هذه الأقذار باستمرار. ولهذا يناشد الحراس الزوار الغرباء بأن يأخذوا حذرهم وألا يقتربوا كثيرا من غرف المجانين. وأخيرا يحوي هذا المارستان جهازا للموظفين الذين يسدون حاجاتهم، كالأمناء والممرضين والحراس والطباخين، والذين يهتمون بالمرضى.

ولكل من هؤلاء المستخدمين مرتب طيب. وقد عملت مدة عامين في هذا المارستان، في سن الشباب، وشغلت وظيفة كاتب، وذلك حسب ما هو مألوف بين صغار الطلبة، وكانت هذه الوظيفة تدر علي مبلغ ثلاثة دنانير في الشهر (131).

وفي فاس مائة حمام جيدة البنيان ولا تنقصها العناية. وبعضها صغير والآخر كبير.

ولجميعها نفس الطراز، أي تتألف كل منها من ثلاث حجرات، أو بالأحرى ثلاث قاعات. وتقع في خارج هذه الحجرات مقصورات صغيرة مرتفعة نوعا ما، يصعد إليها بخمس أوست درجات. وهنا يخلع الناس ثيابهم ويتركونها فيها. وفي وسط الحجرات، وضعت صنابير فوق أحواض، ولكنها كبيرة جدا. وعند ما يريد أحدهم أن يستحم في إحدى هذه الحمامات، فهو يدخل من أول باب ثم يلج في غرفة باردة، وحيث توجد بركة صغيرة لتلطيف حرارة الماء عند ما يكون شديد السخونة. ومن هنا ينتقل عبر باب آخر إلى غرفة ثانية تكون أكثر سخونة بقليل، وحيث يقوم الخدم بغسل جسمه وتنظيفه.

ومن ثم يجتاز هذه الغرفة كي ينتقل إلى الثانية، والتي تكون حارة كثيرا، وحيث يفرز

Shafi 234