الحجارة كتابات لا يفهمها إنسان. ويعتقد الناس أن هذه المدينة من بناء الرومان، ولكن لم أعثر في التواريخ الإفريقية على مؤلف يقول ذلك ولم أعثر حتى على مصدر يشير إلى ذلك مجرد إشارة. غير ان الشريف الصقلي تكلم في كتابه عن مدينة تسمى تدسي، تقع عند التقاء تخوم سجلماسة مع وادي الدرعة، ولكنه لم يقل إنها مبنية في جبل دادس، غير أننا نعتقد بأنه يقصد هذه المدينة بالذات إذ ليس هناك من مدينة أخرى في هذه المنطقة (341). وسكان هذا الجبل أناس لا قيمة لهم. فمعظمهم يسكن كهوفا رطبة ويتغذون بالشعير والعصيد الذي يتألف من دقيق شعير، ولكنه مغلى بالماء المالح، كما تكلمنا عنه في حديثنا عن حاحه. ولديهم عدد كبير من الماعز ومن الحمير. ويوجد في الكهوف التي تؤوي هذه الحيوانات الكثير من ملح البارود، وأعتقد أنه لو كان هذا الجبل مجاورا لإيطاليا لاستغل ولبلغ إيراده سنويا مقدار خمسة وعشرين ألف دينار بل أكثر من ذلك. ولكن هؤلاء الدهماء لا يعرفون ما هو ملح البارود.
والناس هنا يكتسون بشكل رديء حتى إن قسما كبيرا من جسمهم يظل عاريا.
ومساكنهم شنيعة ونتنة بسبب رائحة الماعز القبيحة التي تحشر فيها. وليس في هذا الجبل أي قصر، ولا مدينة تكون محاطة بجدار. ويتجمع السكان في قرى ذات بيوت مبنية بحجر صلد مغطى بصفائح رقيقة سوداء اللون، كتلك التي تستعمل في بعض كور إيطاليا، في إمارة آسيز وفابريانو (342)، وتسكن بقية السكان كهوفا، كما سبقت الإشارة إلى ذلك. وبراغيث هذا الجبل لم أر نظيرا لها في كثرتها.
والرجال هنا غدارون ولصوص وقتلة. ولا يترددون في قتل شخص ما من أجل بصلة. وهكذا تنشب شجارات عنيفة فيما بينهم لأتفه الأسباب. وليس لهم حكام ولا أئمة ولا أي شخص ذو كفاءة ما في أي اختصاص. ولا يقصد أحد من التجار هذه
Shafi 195