168

- كيف نستطيع سحب مبلغ آخر من المال من هؤلاء الخونة دون ان نتهم بالخطأ وبفضيحة النكوص بوعدنا؟ وحينئذ تصور كاتب هذه السطور (324) خدعة فاقترح قائلا:

- سيدي القائد، تظاهر غدا صباحا بأنك استلمت خطابا من الملك يأمر فيها بقطع رؤوس هؤلاء الناس، ولكن تظاهر حينئذ بأنك مشفق عليهم وبأنك لا تود ارتكاب خطأ إعدامهم وقل لهم بأنك ترجح، في مثل هذه الظروف، إرسالهم إلى فاس.

وفي الصباح كتبنا رسالة مزعومة بأنها من يد الملك، ثم استدعى القائد جميع السجناء، وكان عددهم اثنين وأربعين وقال لهم، وكانت ملامح الحنان المفرط بادية عليه:

سادتي الوجهاء، وصلني كتاب من الملك يحمل لي خبرا سيئا وظهر لي أنه قد أسيء نقل الخبر لجنابه، بشأن ما ارتكبتموه وأنه يعتبركم عصاة لتاجه، ولهذا السبب امرني بقطع رؤوسكم. وإني على هذا الأمر لحزين لأن كل الناس سيظنون أني حنثت بوعدي، ولكني لست أكثر من خادم ولا أستطيع إلا طاعة ما أؤمر به.

وحينئذ أخذ هؤلاء يجهشون بالبكاء طالبين عفو القائد الذي افتعل بدوره البكاء وقال لهم:

- لا أرى شيئا أفضل لكم ولي كي أتخلص من كل المسئوليات، تجاه أعمالكم، سوى سوقكم الى فاس، وربما صفح الملك عنكم وسيعمل ما يراه مناسبا، وسأعمل على تسفيركم بعد قليل مع مائة فارس.

وهنا راح المساجين ينتحبون واستغاثوا بالله وبالقائد. وهنا ظهر شخص ثالث وقال للقائد:

- مولاي، لقد أرسلك الملك الى هنا نيابة عنه، إذ يمكنك عمل ما تراه هو الأنسب، تريث قليلا لترى ما هي إمكانيات هؤلاء الوجهاء فيما إذا كانوا يستطيعون دفع شيء من المال لإنقاذ حياتهم. واخبر الملك بأنك أعطيتهم عهدا بأنك لن تعاقبهم، وتقدم بالرجاء لجلالته، كرامة لمكانتك عنده كي يتكرم بالصفح عنهم. وربما يميل الملك لجانب الحل المالي.

Shafi 188