الى سعادة السيد جيروم فراكاستور من جان باتيست راموزيو
لقد كان من عادة القدامى، والتي لا زالت معهودة حتى أيامنا، أن يعمد الذين يرغبون في نشر تصانيفهم، سواء المنثور منها أو المنظوم، إلى إهدائها لرجال قادرين على الحكم عليها، أو للأصدقاء الذين يودون قراءتها، أو للذين يضفي بريق أسمائهم على المؤلفين مزيدا من الثقة والشهرة.
وأود أن أحافظ على هذا التقليد، وذلك بمناسبة العمل الذي فرغت من إنجازه، والذي يتمثل في تجميع بعض التصانيف عن شئون إفريقيا والهند. ولم أجد أية شخصية أخرى سوى سعادتكم أستطيع أن أقدم لها عملي، فهي وحدها التي تستجيب أفضل استجابة للهدف الذي أقوم بعرضه. وفي الواقع لا أتصور أبدا أن هناك احدا- بفضل ما له من مكانة- يمكن أن يكون أحسن منكم حكما على مؤلفي، أو أشد حفاوة به أو تقديرا له.
وهذا يعود أولا ان سعادتكم أرسخ من أعرفهم قدما في علم الجغرافية، وإلى أنكم ارتأيتم أنني سأجلب بعض المسرة للناس بفضل هذا المؤلف، وإلى أنكم منذ البداية شجعتموني على القيام بهذا المشروع، ولأسباب كثيرة أيضا شددتم عزيمتي في عدة مناسبات، وذلك بفضل المحادثات الحكيمة والمناقشات الودية التي كانت لي مع السيد الكريم الكونت ريموندو ديلاتوره، الذي سبق له أن أنصت بسرور لجنابكم وأنتم تتكلمون بعلم غزير عن كثير من الأمكنة والكثير من المواقع.
وأخيرا رغبت في أن أترك للخلف، بعملي هذا، نوعا من شاهد على صداقتنا الطويلة الطاهرة. ولن أستطيع أن أصنع خيرا من ذلك تجاه الاحترام الذي أدين به لجنابكم، وللمودة التي تحملونها لشخصي، وإنني لعلي يقين بأن هذا المؤلف سيكون عزيزا عليكم وستقرءونه عن طيب خاطر.
ولكنني إذا كنت أريد إتمام رغبتي في رؤية عملي هذا حيا بين الناس، فلن أستطيع
Shafi 29