============================================================
ودعك ريك وما قلن)(1) . أي: ما تركك ربك وأبغضك . ويتفاوت الناس في ترك الدنيا(2) .
قلت : أخبرني : ما الذي يقويني على الزهد في الدنيا بما حضر من الجواب عندك قال : إن الذي يقوى على ترك الدنيا: معرفة القلب بسوء عواقبها، وكثرة الوقوف للحساب على ما أخذ منها، مع دوام الاشتغال بها عن خالقها، وخوف العقاب على مثاقيل الذر منها .
قلت : صف لي حالة أجد العذوبة بها في تركها بلا مكابدة قال : بتركها موافقة لله عز وجل في تركها، رجاء وأملا في الوصول الى النعيم في جوار الله والأنس بقربه .
قلت: دلني على حالة من غير ما وصفت، تزيد على قدر علمي) ليتوحش من الدنيا قلبي، وأعلم أن الناس متفاوتون في تركها .
قال : يا فتى، قلب قرعه التنبيه، فدله وأراه ذل العبودية لها(3)، فضن (1) الضحى: 3 (2) يرى المؤلف هنا أن الزهد هو الترك والبغض وفي مسائل المزهد يرى أن الزهد لا يكون بالترك ، وإنما يكون في حبس الحلال عن إنفاقه في وجوهه (أعمال القلوب والجوارح ص 43) . ويقول : (فإن كان العبد عقد ونيته الامضاء في الحقوق، وليس يمنعه من الامضاء أن نفسه بالامضاء لا تصلق، فهذا خازن من خزان الله عز وجل، ليس حبه للأموال ضنا بها، وحرصأ عليها، فهو زاهد، وإن كثر عنده المتاع . وإن كان منفقأ للأموال، وواضعها في الحلال والحرام، أو منفقها في غير وجرهها الفاضلة فهو راغب وإن قل حبه. (أعمال القلوب والجوارح ص44) وعلى هذا فالزهد ليس هو السلببية في مواجهة الحياة، بل هو حبس المال عن غير الوجوه المشروعة ، وإنفاقه في المشروع منها . ويكن أن يكون الغنى زاهدا، والفقير راغبا وما يراه المؤلف هنا يبدو أنه كان في بداية حياته، كما كان مذهبه في المال كذلك شديدا في بداية حياته ، كما أثبته في الوصايا (الباب الثالث) . وهو ضمن هذا المجموع (3) اي : ذل العبودية للدنيا .
Shafi 239