171

============================================================

الباب الخامس والثلاثون في وجوب الإسرار بأعمال البر اخواني : وإذا أظهر الناس أعمال البر ليقتدي بهم، فأسروا أعمالكم مجهودكم، فإن الفتنة فيها عظيمة، والجهاد فيها شديد، ولسنا والله لذلك أهلا، وانما ذلك للخلفاء المهدين، وأئمة المسلمين أظهروا قليلا من كثير اعمالهم، لتأديب الأمة وارشادهم فلا تشهروا أنفسكم فإن للشيطان في إظهار العلم والقول مكايد يستدرج بها كثيرا زين(1) لهم إظهار العلم والعمل ليقتدي بهم فأبدى القوم ما عندهم من العلم وأعمال البر، طمعا في ثواب المتاسين بهم ، وجهلوا الذي حل بهم من مكائد الشيطان. قبلوا بصنوف الآفات وما يشعرون.

وكيف للنافل علمه، المتفقد لنفسه المتخوف من عدوه، الورع في أحواله، أن يسلم من مكائد الشيطان . إذا أسر أعماله وأخفاها(2)، فكيف (1) في الأصل : يزين (2) من مكايد الشيطان في هذه الحالة، أن يقنع العالم أولا بأنه أدي ما عليه نحو ربه، ونحو نصرة دينه، ثم يشعره بلذة الفرح بحاله، ويطمئن العالم إلى أنه لا يجهر بفرحه هذا، بل هو كساتم لحاله، ثم بعد ذلك يشعر العالم بنقص من دونه، ويشتد شحوره هذا حتى ينقلب الى احتقار البادثين في العلم، وغيرهم ممن لم ينضجوا ولكنه لا يزال كاتمأ لحاله هذه، فيضطر إلى إظهار ما لا يبطن نحوهم ، خشية زلل اللسان ، فيقع على أول درجات النفاق . ومن هذه النقطة ينطلق في تسفيه الناس، وصدهم عن سبيل الله، الذي بدأوا فيه صغارا كما بدأ هو صغيرا

Shafi 171