أن الدليل القائم على اعتبار القبول، إما الاجماع على كونه عقدا، وإما عدم النظير لدخول المال قهرا في ملك الغير بالتمليك الاختياري. والأول - بعد الفحص عن مدرك المجمعين - كالثاني، ليس مفاده إلا كون القبول معتبرا في الانتقال لا كاشفا، ولازمه: عدم تمليك الموصى له قبل القبول.
الرابع (1): أنه لو لم ينقل من حين الموت - مع فرض القبول المتأخر - إلى الموصى له، لكان: إما باقيا على ملك الميت، وإما منتقلا إلى الوارث إذ كونه لغيرهما مفروغ العدم. لا سبيل إلى الأول، لأن الميت لا مال له إما عقلا، لأن الملك نسبته بين المال والشخص الحي، وإما لأن ظاهر العرف والشرع أن الميت يترك ماله لغيره، فلو كان قابلا للملك لم يصدق الترك ودعوى: كونه في حكم مال الميت بعد حاجة المال إلى وجود مالك حي، لا تجدي وأما كونه للوارث - فمع منافاته لظهور أدلة الإرث في تأخره عن الوصية - يدفعه: أن ظاهر أدلة الوصية تلقي الملك من الموصي لا من الوارث، مع أن خروجه عن ملك الوارث من دون اختياره عديم النظير.
هذا، ولكن الانصاف ضعف هذا الدليل في نظرنا، لامكان التزام كونه في حكم مال الميت، ويكني في عدم امتناعه ذهاب جماعة (2) إليه في حكم تركة الميت المديون، والتزام كونه في ملك الوارث مع خروجه عنه بالقبول.
وثبوت الإرث بعد الوصية كثبوته بعد الدين لا يراد به إلا استقراره،
Shafi 38