130
﴿ما كان لبشرٍ﴾ الآية لمَّا ادَّعت اليهود أنَّهم على دين إبراهيم ﵇ وكذَّبهم الله تعالى غضبوا وقالوا: ما يرضيك منَّا يا محمد إلاَّ أَنْ نتَّخذك ربًّا [فقال رسول الله ﷺ: معاذَ الله أَنْ نأمر بعبادة غير الله] ونزلت هذه الآية ﴿ما كان لبشر﴾ أن يجمع بين هذين: بين النبوَّة وبين دُعاء الخلق إلى عبادة غير الله ﴿ولكن﴾ يقول: ﴿كونوا ربانيين﴾ الآية أَيْ: يقول: كونوا معلِّمي الناس بعلمكم ودرسكم علِّموا النَّاس وبيِّنوا لهم وكذا كان يقول النبي ﷺ لليهود لأنَّهم كانوا أهل كتاب يعلمون ما لا تعلمه العرب
﴿وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنِّبِيِّينَ أَرْبَابًا﴾ كما فعلت النَّصارى والصَّابئون ﴿أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ﴾ استفهامٌ معناه الإِنكار أَيْ: لا يفعل ذلك ﴿بعد إذ أنتم مسلمون﴾ بعد إسلامكم
﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ من كتاب﴾ ما ها هنا للشرط والمعنى: لئن آتيتكم شيئًا من كتاب وحكمة ومهما آتيتكم ﴿ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ به﴾ ويريد بميثاق النَّبييِّن عهدهم ليشهدوا لمحمد ﵇ أنَّه رسول الله ﷺ وهو قوله: ﴿ثمَّ جاءكم رسول مصدق لما معكم﴾ يريد محمدًا ﴿لتؤمننَّ به ولتنصرنَّه﴾ أَيْ: إن أدركتموه ولم يبعث الله بينا إلاَّ أخذ عليه العهد في محمد ﵇ وأمره بأنْ يأخذ العهد على قومه لَيُؤمننَّ به ولئنْ بُعث وهم أحياءٌ لينصرنَّه وهذا احتجاجٌ على اليهود قوله: ﴿أأقررتم﴾ أَيْ: قال الله للنَّبييِّن: أقررتم بالإِيمان به والنُّصرة له ﴿وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾ أَيْ: قبلتم عهدي؟ ﴿قالوا أقررنا قال فاشهدوا﴾ أَي: على أنفسكم وعلى أتباعكم ﴿وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشاهدين﴾ عليكم وعليهم

1 / 220