خرج روبينز ذات يوم في نزهة صغيرة بالعربة إلى تولون. وقد دعا تلك الفتاة اللطيفة إلى صحبته، لكن في ذلك اليوم تحديدا لم تكن تستطيع الذهاب معه؛ فقد كان هناك حدث خيري كبير، وكانت إحدى الفقرات الأساسية فيه تملق الناس من أجل الحصول على المال؛ ولذا فقد أخذت الفتاة اللطيفة على عاتقها القيام ببعض ذلك.
كانت الفتاة ماهرة في هذا الأمر، بل إنها كانت تفتخر وتتباهى بذلك؛ فهي فتاة لطيفة جدا وجميلة أيضا، وكان من الصعب على الناس أن يقابلوا طلبها بالرفض. وفي مساء ذلك اليوم، كان من المقرر أن يقام حفل راقص في الفندق الرئيسي للمكان، وهذا أيضا في إطار ذلك الحدث الخيري المحبب جدا. وقد ذهب روبينز إلى تولون وحيدا وعلى مضض منه، لكنه عاد في الوقت المناسب لحضور الحفل الراقص.
وقال للفتاة: «حسنا، كيف كان حظك في جمع المال اليوم؟»
فردت عليه في حماسة: «أوه، يا له من حظ رائع. أتعرف من الشخص الذي جمعت منه أكبر مبلغ من المال؟» «ليس لدي أدنى فكرة بكل تأكيد، ذلك الدوق الإنجليزي العجوز، لا شك في أنه يمتلك الكثير من المال.» «لا، ليس هو مطلقا؛ إنه آخر شخص يمكن أن تتوقعه، إنه صديقك، الهيكل العظمي الحي.»
صاح روبينز منزعجا: «ماذا!» «أوه، لقد وجدته على المقعد حيث يجلس كعادته، في شارع النخيل. وقد أخبرته عن الحدث الخيري وعن مدى نفعه وضرورة إقامته، وأخبرته أننا حري بنا جميعا أن نتبرع بالمال قدر استطاعتنا، فراح يبتسم لي بطريقته الغريبة وقال هامسا: «أجل، أعتقد أننا حري بنا جميعا أن ندعم هذا الحدث الخيري؛ سأعطيك ثمانين فرنكا.» أليس هذا بكرم زائد منه؟ ثمانون فرنكا، كان ذلك عشرة أضعاف ما تبرع به الدوق، وبينما كان يعطيني المال نظر إلي وقال بنبرته الهامسة المريعة: «عدي هذا المال بحرص حين تعودين إلى المنزل، وانظري إذا ما كان بإمكانك أن تعرفي ما أعطيتك إياه أيضا بخلاف المال. إن هذا أكثر من ثمانين فرنكا.» ثم بعد أن عدت إلى المنزل، وجدت ...»
لكن، توقفت الفتاة اللطيفة هنا عن الحديث حين نظرت إلى وجه روبينز الذي كانت تتحدث إليه. كان وجهه شاحبا بصورة مروعة، وكانت عيناه تحدق إليها لكنه لم يكن يراها.
كان يهمس في نفسه وقد بدا وكأنه يقوم بعملية حسابية في عقله: «ثمانون فرنكا.» ثم قال حين لاحظ نظرات الفتاة المليئة بالدهشة إليه: «وهل أخذت المال؟»
فقالت: «بالطبع فعلت. لم لا أفعل؟»
صاح روبينز لاهثا: «يا إلهي!» ومن دون أن ينطق بكلمة أخرى التفت وهرع بعيدا، تاركا الفتاة اللطيفة وقد تسمرت في مكانها من الدهشة وحدقت إليه أثناء رحيله وقد حمل وجهها الجميل أمارات العبوس.
سألت الفتاة نفسها: «ماذا يقصد من فعل ذلك؟» لكن روبينز كان قد اختفى من بين الحشد المجتمع في حجرة الفندق الكبيرة، وهرع على السلم وانطلق على الأرصفة الضيقة نحو فندق جولدن دراجون. كان مالك الفندق يقف في الردهة ويداه خلف ظهره، وكان هذا مألوفا من قبل دراجون.
Shafi da ba'a sani ba