وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما . وإن رجع فريق إلى الحق أو كلاهما فالصلح واجب،
فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا . فإصلاح ذات البين أقرب إلى التقوى والمصلحة العامة،
فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم . دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وأنفسهم حرام عليهم. ولإن مد قابيل يده لقتل هابيل ما قدم هابيل يده لقتل أخيه حتى يبوء الأخ القاتل بالعدوان وبحرمة دم أخيه. فدم فتح وحماس حرام بعضهما على بعض، والشقاق بينهما لا يجوز لأن النزاع شر. وهما كالزوجين في الأسرة الفلسطينية الواحدة. وفي يوم من الأيام كانت فتح هي المنظمة الكبرى وحماس هي الصغرى. ثم تبدلت الأحوال وأصبحت حماس هي الكبرى لها الأغلبية في المجلس التشريعي وفي الشارع الفلسطيني. وهما إخوة. الصلح بينهما واجب. يتقاتلون، والقتال داخل الأسرة الواحدة لا يجوز.
الصلح بين الأطراف جزء من الإصلاح العام نتيجة للإيمان والتقوى والعفو. ومن هناك أتت الأعمال الصالحة،
الذين آمنوا وعملوا الصالحات
ضد الفساد والإفساد في الأرض وبين الناس. لذلك سمي أحد الأنبياء صالح والجنة مآل الصالحين. والإصلاح سنة الأنبياء. والله يعلم المفسد من المصلح؛ لذلك مهما اختلفت فتح وحماس ومهما تصارعتا على السلطة وتباعدتا في المنظور فلا يجوز النزاع ولا الخصام بينهما. والصلح خير بأمر القرآن. الخلاف في الوسيلة لا يمنع من الاتفاق في الغاية. والاختلاف في الطريقة لا يمنع من الاتفاق في الهدف. والعدو الصهيوني نموذج في الاختلاف والاتفاق، اختلاف نتائج الانتخابات بين الحزبين الكبيرين وإمكانية قيام حكومة ائتلافية دون اقتتال بينهما. فهل يكون الفلسطينيون أقل التزاما بمبادئ الإسلام من العدو الصهيوني؟ (4) هل يجوز الخصام؟
إذا كان الصلح خير فهل يجوز الخصام؟ لا يجوز الاختصام في الحق. فبالرغم من تعددية المنظور إلا أن ذلك لا ينفي موضوعية الحق. ولما كان الله حق فلا يجوز الاختصام فيه كما لا يجوز الاختصام في الوطن ولا في مصالح الناس،
هذان خصمان اختصموا في ربهم . وكيف يختصم عند الله وقد أرسل الحق واضحا من خلال رسله،
قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد . فهناك حقيقة موضوعية بين الخصيمين خارجة عنهما يمكن الاحتكام إليها. فالذات بلا موضوع هوائية انفعالية نسبية. يوم القيامة أيضا حقيقة موضوعية بين المختصمين،
ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون . فبعد الموت تظهر الحقيقة الموضوعية التي لا خلاف عليها خارج وجهات النظر والأهواء والرغبات والميول. وأحيانا تسمى الحقيقة الموضوعية «الملأ الأعلى»،
Shafi da ba'a sani ba