Wahm Thawabit
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
Nau'ikan
تتعامل أدمغتنا مع رموز
symbols . يتناول الدماغ تمثيلات الواقع ويستخدم هذه التناولات الافتراضية (الخائلية) لكي يقود سلوكنا. وقد ضرب باول بلوم لذلك المثال التالي: حين أشعر بالعطش فإنني آخذ كوبا وأملؤه من الصنبور؛ ذلك أنني أعرف لأي غرض جعلت الأكواب والصنابير. يتطلب هذا تفكيرا رمزيا، حيث «كوب» و«صنبور» رمزان يمكن لدماغي تناولهما، ويجيء كل منهما مرتبطا بالمعلومات الخاصة بما يعرفه؛ فالكوب هو أداة تجعل الشرب أيسر، والصنبور هو جهاز لجلب الماء ... إلخ. هذا الوصف نظري بالتأكيد؛ غير أن هناك العديد من العلماء الثقات الذين يأخذون بهذا الرأي، منهم جاري ماركوس في مقاله الهام «كيف يعمل الدماغ؟ استبصارات من البيولوجيا».
2
ثمة طريقة لوصف فكرة الرموز تأتينا من المنطق/الرياضيات في شكل «فئات التكافؤ»
equivalence classes . فئات التكافؤ هي عناوين/بطاقات يمكن استخدامها كأوصاف اختزالية لمجموعة معطاة من الصفات (الكوب - مثلا - هو كوب إذا كان من الممكن استخدامه لتيسير الشرب بالطريقة الفلانية). فئات التكافؤ أدوات معرفية قوية للغاية؛ لأنها تسمح باطراح كل التفاصيل التافهة وحصر الانتباه فيما هو ذو صلة. فئات التكافؤ إذن هي لبنات البناء لجميع النماذج. والنماذج
models
بمختلف ضروبها أمر ضروري لللإدراك والتفكير والتواصل. (1) مغالطة نزعة الماهية
المشكلة هي أن فئات التكافؤ جد مسعفة (ولا يمكن تفاديها؛ إذ إن كل ما يسع المرء أن يعمله هو أن يتناول رموزا لا أن يتناول الأشياء الحقيقية)، بحيث إنها ما إن تطبق على شيء من الأشياء حتى يكون من السهل أن ننسى أن الرمز ليس هو الشيء الحقيقي (الواقعي).
العقل يتعامل مع رموز وليس مع الأشياء؛ ومن ثم فإن الواقع - بمعنى ما وإلى حد ما - غير قابل للمعرفة! نحن ننسى أن نتعامل مع «فئات تكافؤ»؛ ومن ثم نبيع الدقة في مقابل السهولة ... في مقابل التبسيطات المفيدة.
يستخدم العلماء فئات التكافؤ لكي يشيدوا نماذج مفيدة؛ غير أنهم عندئذ ينجرفون بعيدا، ويشرعون مثلا في الظن بأن النمور تتسم ب «نمرية» ما مطلقة وموضوعية، بينما «النمرية» لا وجود لها في الحقيقة، ولا تعدو أن تكون النتاج المباشر للطريقة التي تعمل بها أدمغتنا.
Shafi da ba'a sani ba