Wahm Thawabit
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
Nau'ikan
إن النظرة التطورية لهي على تضاد جذري مع هذه النظرة الأفلاطونية/الأرسطية السالفة؛ إذ من الجائز أن يبتعد الأخلاف عن صورة حياة الأسلاف ابتعادا لا نهاية له، وكل ابتعاد يصبح سلفا ممكنا لتنوعات مستقبلية.
إذا كان ثمة «أرنب قياسي» فإن هذا اللقب لا يعني إلا مركز توزع جرسي الشكل لأرانب حقيقية تقفز وتعدو. وهذا التوزع يتبدل مع الوقت. ومع تتالي الأجيال قد تأتي بالتدريج نقطة غير محددة بوضوح عندها سيكون معيار ما نسميه أرانب قد ابتعد كثيرا بحيث يستحق اسما آخر. ليس ثمة «أرنبية» دائمة، ماهية للأرانب معلقة في السماء، بل هناك فحسب «مجتمعات/سكان
populations » من الأفراد الطويلة الآذان المكسوة بالفراء المرتعشة الشوارب التي تبدي توزعا إحصائيا من التباين في الحجم والشكل واللون والميول.
بالنسبة للعقل المغشى بغمامات أفلاطونية فإن أرنبا ما هو أرنب. أما القول بأن نوع الأرانب يشكل ضربا من الغيمة المتنقلة ... سديم إحصائي من المتوسطات الإحصائية، أو أن الأرنب النموذجي في يومنا هذا قد يكون مختلفا عن الأرنب النموذجي الذي كان منذ مليون سنة، أو الأرنب النموذجي الذي سيكون بعد مليون سنة؛ فإن هذا القول هو انتهاك لتابو داخلي.
إن التأخر المزري في وصول دارون إلى المشهد (القرن 19) يعود إلى أننا جميعا كنا قد أشربنا الماهوية وأضمرناها في صميم جيناتنا العقلية. (6) الماهوية الجينية
هي وجهة الرأي القائلة بأن ماهية الكائنات البشرية تقبع في جيناتها، وبأن سلوك الإنسان تحدده جيناته على نحو حتمي لا مرد له، وما تكاد الناس تتلقى خبرا جديدا عن اكتشاف أساس جيني لشيء ما (مرض، سمة شخصية، سلوك ...) حتى تشرئب تحيزاتهم الماهوية السيكولوجية وتسبغ على هذا الشيء صفة الثبات والديمومة والحتمية، وتضرب عرض الحائط بالعوامل البيئية والحرية الشخصية والاختيار الفردي.
الحق أن العلاقة بين النمط الجيني
genotype
والنمط الظاهري
phenotype
Shafi da ba'a sani ba