153

Wafayat al-a'yan wa anba' abna' al-zaman

وفيات الأعيان و أنباء أبناء الزمان

Editsa

إحسان عباس

Mai Buga Littafi

دار صادر

Inda aka buga

بيروت

محمود بن زنكي وعسكر الشام وعاد بهم إلى حلب، وأخذ زين الدين علي ولد مظفر الدين صاحب إربل عساكر بلاد الشرق وعاد بهم إلى الموصل، وإلى سيف الدين غازي بن زنكي وملكه الموصل، فلما دخل ابن منير إلى حلب صحبة العسكر، قال له ابن القيسراني: هذه بجميع ما كانت تبكتني به! قلت: ولابن القيسراني المذكور في ابن منير، وكان قد هجاه:
ابن منير هجوت مني ... حبرًا أفاد الورى صوابه
ولم تضيق بذاك صدري ... فإن لي أسوة الصحابه أشعاره لطيفة فائقة.
وكانت ولادته سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة بطرابلس، وكانت وفاته في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بحلب، ودفن في جبل جوشن، بقرب المشهد الذي هناك، رحمه الله تعالى.
وزرت قبره ورأيت عليه مكتوبا:
من زار قبري فليكن مرقنًا ... أن الذي ألقاه يلقاه
فيرحم الله امرءا زارني ... وقال لي: يرحمك الله وذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق، فقال في ترجمته: حدث الخطيب السديد أبو محمد عبد القاهر بن عبد العزيز خطيب حماة، قال: رأيت أبا الحسين ابن منير الشاعر في النوم بعد موته، وأنا على قرنة (١) بستان مرتفعة، فسألته عن حاله وقلت له: اصعد إلي، فقال: ما أقدر من رائحتي، فقلت: تشرب الخمر فقال: شرًا من الخمر يا خطيب، فقلت له: ما هو فقال: تدري ما جرى علي من هذه القصائد التي قلتها في مثالب الناس فقلت له: ما جرى عليك منها فقال: لساني قد طال وثخن حتى صار مد البصر، وكلما قرأت قصيدة منها قد صارت كلابا تتعلق في لساني، وأبصرته حافيًا عليه ثياب رثة إلى غاية، وسمعت قارئا يقرأ من فوقه لهم من فوقهم ظلل

(١) أ: غرفة.

1 / 159