قال أبو القاسم: معنى غريب اليد أي هو صاحب أسلحة الحرب وسكان الشعب سوقة مشغولون بالمكاسب.
وقال المتنبي:
غدونا ننفض الأغصان فيه ... على أعرافها مثل الجمان
قال أبو الفتح: يتخلل ضوء الشمس من فرج أغصان الشجر فيقع على أعرافها كالجمان.
قال أبو القاسم: معنى البيت أن الطل والرش على الأوراق والأغصان فإذا اهتزت تساقط القطر على أعراف النخيل كأنه الجمان وهو حبات الدر الصغار، ومثله قول الراجز يصف سقيط الطل على الجارح: ضار غدًا ينفض صئبان المطر وقال بشر:
فأضحى وصئبان الصقيع كأنه ... جمان بصاحي جلده يتحدر
وقال المتنبي:
وألقى الشرق منها في ثيابي ... دنانيرًا تفر من البنان
قال أبو الفتح: هذا البيت مثل البيت الأول.
وقال أبو القاسم: قد مر تفسير البيت الأول وعني المتنبي بهذا البيت تساقط شعاع الشمس من خلل الأوراق مدنرًا كقول الآخر:
عبرياتها نثرت علينا ... دنانيرًا طبعن من الإياة
وقال المتنبي:
ومن بالشعب أحوْجُ من حَمَام ... إذَا غنَّى وَنَاحَ إلى البَيَانِ
قال أبو الفتح: أي هن أعاجم لا يفصحن.
قال أبو القاسم: معنى البيت أن سكان الشعب أحوج إلى البيان لنعت ما فيه من الأزهار وأصباغ الربيع من الحمام في تغنيه وألحانه. وقال ابن الرومي في معنى ما ذهب إليه وأجاد في الغرض أمه:
كَرمْتُم فَجَاش المُفحمون بِمدحِكُم ... إذَا رَجزوا فيكم أثبتُم فَقَصدُوا
كما أزهرت جنات عدن ونورت ... فأضحت وعجم الطير فيها تغرد
وكرره في أخرى:
لا تحسبوني لشيءٍ غير أنعمكم ... أعني بعد تجديد
اسكن كما راقت القمري جنته ... فظل يتبع تغريدًا بتغريدِ
وقال المتنبي:
أعلى قناة الحسين أوسطها ... فيه وأعلى الكمي رجلاه
قال أو الفتح: سألت المتنبي عن هذا فقال مثل البيت الآخر:
ولربما أطر القناة بفارس ... وثنى فقومها بآخر منهم
أي اعوجت القناة لما طعن بها الفارس فصار أوسطها أعلاها.
وقال أبو القاسم: أما البيت الثاني فالقناة بحالها وهي ماطورة بالطعن كقول البحتري:
في موقف ضنك تخال به القنا ... بين الضلوع إذا انحنين ضلوعًا
والبيت الأول للمتنبي القناة منتقفة شدة طعن فكأن أوسطها صار أعلى.
وقال المتنبي:
تبل خدي كلما ابتسمت ... من مطر برقه ثناياها
قال أبو الفتح: أي بريق ثناياها يريد العضاض والقبل التي كانت هناك، يقول إذا ضحكت بدت ثناياها فتيل خدي بالريق من أجلها وهذا يدل على أنها كانت نكبة عليه معانقة له فيكون كقوله:
وأشنب معسول الثنيات واضح ... سترت فمي عنه فقبل مفرقي
قال أبو القاسم: هذا الذي قاله أبو الفتح مضحك سامعه ومعنى البيت اشهر من يوم حليمة في أشعار المحدثين ومعرفة ولدان الأدب والمعنى إن برق ثناياها إذا ضحكت مطره دموعي ولا عضاض هناك ولا عناق، وقال ابن الرومي:
وواضح أشنب به رتل ... يعرف من شام برقه مطره
وقال غيره:
قمر نور وجهه ... في الدجى بكسف القمر
إن بدا برق ثغر ... سال من عيني المطر
وأما البيت الثاني وأشنب معسول الثنيات، البيت، فإنه يصف نفسه بالعفة والنزاهة والبيت الأول دال عليه حيث يقول:
وأجياد غزلان كجيدك زرنني ... فلم أتبين عاطلًا من مطوق
أي غمضت عيني من النظر عفة وتصونا ومثله قوله وهو أبلغ:
يرد يدًا عن ثوبها وهو قادر ... ويعصي الهوى في طيفها وهو راقد
وقال المتنبي:
تماشي بأيدٍ كلما وافت الصفا ... نقشن به صدر البزاة حوافيا
قال أبو الفتح: يصف الخيل إذا وطأت الصفا وهو الصخر أثرت فيه نقشًا تشبه صورته صورة صدر البازي.
قال أبو القاسم: معنى البيت يحتاج إلى فضل نظر وهو أن نقش صدر البزاة متداخل بعضه في بعض وهذه الخيل التي وصفها المتنبي يقع مواطئ بعض حوافرها على مواطئ البعض فتتداخل ولا يكون هذا لفرس واحد. والحسن بن هانئ قد وصف صدر البزاة وشبهه بما لم يسبق إليه:
وأشتاب من طرازه تفويقًا ... وشيًا ترى بسيطه مكفوفًا
مثل استراق الكاتب الحروفا وقال المتنبي:
1 / 22