ذلك هو الدين الذي أخذنا على عاتقنا محاولة الكلام فيه وفي تاريخه العام. ولعل أول ما يعرض لنا هو هذا السؤال: «مم نشأ؟ وكيف تفرع من الديانة التي سبقته ثم نما حتى وصل إلى ما وصل إليه؟»
فكيف نجيب على هذا السؤال الذي يجدر بنا الإجابة عليه قبل كل شيء؟ الحق أنني لم أكد أعرض لهذا حتى وقعت في حيرة لا مثيل لها، فقد اعترضتني - حتى في هذه الخطوة الأولى - صعوبة لم أكن لأتوقعها قبل أن أتصدى لبحث هذا الموضوع. وإليك البيان:
إنني - على إجلالي وتقديري لما قام به بعض الباحثين الذين تصدوا للكلام عن ديانة العرب القديمة وأصل الإسلام، وعلى إعجابي بفطنتهم واجتهادهم - أقرر ولا أرى بدا من المصارحة أن هذه البحوث الطريفة لا تكفيني قط؛ لأنها لم تستطع أن توضح هذه الأمور أكثر من قبل.
لذلك رأيتني مضطرا إلى إعادة البحث - من جديد - سالكا طرقا أخرى مخالفة لما نهجه غيري من الباحثين إلى اليوم، وقد وصلت إلى نتيجة أنا أول المدهوشين لها، وليس في وسعي أن أسردها في بضع صفحات، إلا أنها - في جوهرها وأساسها - مرتبطة بعدة نتائج أخرى لها خطرها وأهميتها، ولما كانت نتائج بحوثي مناقضة - على طول الخط - كل الآراء السائدة إلى اليوم لغرابتها عنها، والعلم يقضي على الإنسان ألا يلقي للناس قضايا مسلمة لا يدعمها برهان، ولا تقوم على أساس متين من الحجج العلمية الناهضة والأدلة الصحيحة المستقاة من مصادرها الأصلية.
والدعاوى - ما لم يقيموا عليها
بينات - أصحابها أدعياء!
ولما كانت المصادر الأصلية التي أعنيها هي مصادر أجنبية بالنسبة لقارئي هذا السفر
3
رأيتني مضطرا إلى تفصيل ذلك الرأي في سفر مستقل آخر.
4
Shafi da ba'a sani ba