وبحثنا طول النهار عن مكان نختبئ فيه فلم نظفر بطائل؛ فعدنا إلى القصر خائفين، وجاء العملاق - بعد قليل - فشوى أحدنا كما شوى بالأمس ربان السفينة وأكله، ونام إلى الصباح، ثم خرج إلى حيث لا ندري، وخرجنا هائمين في الجزيرة، وقد أشار علينا بعض رفاقنا أن نلقي بأنفسنا في البحر؛ حتى ننجو من هذه الميتة المروعة، وأشار آخرون أن نحتال لقتله. (3) فلك النجاة
فأشرت عليهم أن يهيئوا فلكا من خشب الأشجار؛ فإذا لم ننجح في قتل العملاق هربنا من الجزيرة في تلك الفلك؛ ففرحوا جميعا بهذا الرأي، وشرعنا في العمل بجد ونشاط حتى إذا تمت الفلك وضعنا فيها ما نحتاجه من الزاد وربطناها إلى شاطئ البحر.
تنفيذ المؤامرة
وعدنا إلى القصر، فجاء العملاق ففعل بثالث منا ما فعله بسابقيه ثم نام - كعادته - وعلا شخيره، فوضعنا سفودين في النار حتى احمرا، ثم أدخلناهما - معا - بقوة في عينه وهو نائم؛ فصرخ صرخة هائلة - من شدة الألم - وقام هائجا يبحث عنا - بعد أن عميت عينه - فلم يهتد إلى أحد، فسار إلى الباب ففتحه، وخرج كالمجنون، ففرحنا بذلك وحسبنا أننا أصبحنا بمأمن من شره!
انتقام العمالقة
ولكن فرحنا لم يطل؛ فقد جاء إلينا - بعد قليل - جماعة من العمالقة يغايرونه في الشكل ولا يقلون عنه وحشية وفظاظة، فهربنا منهم مسرعين إلى الفلك التي صنعناها.
فلما رأونا في البحر أخذوا يرجموننا بحجارة كبيرة، فقتلوا رفاقي، ولم ينج معي منهم إلا اثنان. (4) الفرار من جزيرة العمالقة
وبعد أن نجونا من شر أولئك العمالقة أصبحنا تحت رحمة الأمواج الهائجة طول نهارنا وليلتنا، حتى إذا - أصبح الصباح - قذفتنا الأمواج إلى شاطئ جزيرة كبيرة؛ ففرحنا بذلك، وأكلنا من فاكهتها الطيبة، وشربنا من مائها العذب، ثم جلسنا على شاطئ البحر فرحين بالنجاة من أرض العمالقة.
في فم أفعى
ولما جاء الليل نمنا فوق شجرة عالية، واستيقظنا فزعين؛ فرأينا حية هائلة قد التقمت واحدا من رفيقي، فسمعنا عظامه تتكسر في جوفها وهي تبتلعه، فاشتد خوفنا وهالنا الأمر، وقلنا: «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! كلما نجونا من مصيبة وقعنا فيما هو شر منها.»
Shafi da ba'a sani ba