أنك تدبرت جميع أقوالهم وكتبهم لم تجد هذا في شيء منها منقولًا عن النبي ﷺ، ولا من الصحابة ﵃، وكذلك من التابعين بعدهم" (^١).
والرد على هؤلاء من وجهين:
أولًا: أن معرفة الله تعالى ليست نظرية، بل فطرية، وسيأتي بيان ذلك.
ثانيًا: أن أول الواجبات على العبد النطق بالشهادتين، كما جاءت بذلك النصوص من الكتاب والسنة.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ (^٢)، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)﴾ (^٣).
وقول الرسول ﷺ لمعاذ بن جبل ﵁ حينما بعثه إلى اليمن: "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسُولُ الله ... " (^٤). وقوله ﷺ: "أمرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يشهدُوا أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسُولُ الله ... " (^٥).
وهذا متفق عليه بين السلف، كما تبين من النصوص السابقة. والقرطبي ﵀ نصر قول أهل السنة والجماعة في هذه المسألة،
(^١) الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (٢/ ١٢٠).
(^٢) سورة النحل، الآية: ٣٦.
(^٣) سورة الأنبياء، الآية: ٢٥.
(^٤) رواه البخاري كتاب التوحيد باب ما جاء في دعاء النبي ﷺ أمته إلى توحيد الله ﵎ ح (٧٣٧٢) (١٣/ ٣٥٩). ومسلم في كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام ح (١٩) (١/ ٣١٠).
(^٥) رواه البخاري في كتاب الإيمان باب قتال الناس حتى يقولوا لا إله إلَّا الله محمد رسول الله ﷺ ح (٢٢) (١/ ٣٢٥).