Asasin al-Thaqafiyya ga Al'umma
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Nau'ikan
أبدأ هنا بأيديولوجيات الإمبراطوريات القديمة. في الدعاية الملكية في مصر القديمة، كان يوجد تركيز قوي على الجماعة العرقية المحدودة وفروق واضحة بين النخبة المصرية وكل الأجانب. يوجد بلا شك قدر كبير من الحقيقة في رؤية عالم الآثار ستيوارت تايسون سميث التي تقول إن هذا كان إلى حد بعيد موضوعات أدبية وبلاغية، جزءا ضروريا من الدعاية الفرعونية موجها إلى الداخل، إلى النخبة المصرية وإلى الشعب المصري. رغم ذلك، اعتمادا على الأدلة التي عرضها، فإن المصريين ميزوا الحد العرقي بينهم وبين شعوب مثل جيرانهم النوبيين في الفنون والعمارة، واللغة والأدب، والملبس، والمأكل، وطقوس الدفن، بالإضافة إلى مجموعة الآلهة الخاصة بكل من المصريين وتلك الشعوب. في دراسة تايسون سميث للعلاقات المصرية بالنوبة، جارتها الجنوبية، أظهر تايسون سميث إلى أي مدى بلغ وضوح الفروق بين الخزف المصري والخزف النوبي في حصن أسكوت الحدودي، وإلى أي مدى بلغت أهمية المقبرة الكبيرة المزخرفة التي تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد المدفون فيها المراقب سي أمون في تومبوس في النوبة العليا. هذا يشير إلى أن فروقا عرقية أساسية ظلت ثابتة على مدار قرون عديدة، رغم تكرر زواج المصريين بالنوبيين والكميات الهائلة من المجوهرات النوبية، وأدوات التجميل، وتماثيل الإناث، وأيضا التحف والمباني المصرية التي وجدت في أسكوت. أي كما أوضحت مقاربة شون جونز الثقافية لعلم الآثار العرقي، فإن التبادل المستمر عبر الحدود أسهم في تقوية الفاصل العرقي لا إضعافه، والدعاية الفرعونية عن تفوق المصريين على «رؤساء كوش (النوبة) البائسين ... الذين يحملون جزيتهم على ظهورهم» - كما يقول أحد نقوش الفرعون أمنحتب الثالث - كانت تعزز ذلك الفاصل العرقي باستمرار.
3
في حقيقة الأمر، مع حكم الدولة الوسطى، كانت عملية تمصير النوبة قد بدأت. وأصبحت هذه العملية أكثر شدة بتعيين مراقب مسئول عن كوش في المملكة الجديدة في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد. كان السبب في إعادة الغزو يعود في جزء منه إلى رغبة الفراعنة في عدم وجود مملكة مشاكسة على جبهة ثانية أثناء حملتهم على فلسطين وسوريا، بينما يعود في جزء آخر إلى الرغبة في الاستيلاء على موارد النوبة الثمينة من الذهب والعاج والأبنوس وكذلك العبيد الأسرى.
4
لا تتفرد مصر بذلك التناقض بين الممارسة العرقية عن الأيديولوجية السياسية؛ حيث يمكن إيجاد نفس هذه الازدواجية في الإمبراطورية الآشورية الحديثة في القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد؛ فقد كان يوجد قدر كبير من التواصل والتبادل بين الأعراق في الحياة اليومية وفي التجارة والتزاوج.
شكل 3-1: القناع الذهبي لتوت عنخ آمون، يعود إلى عام 1350 تقريبا قبل الميلاد (المتحف المصري بالقاهرة).
شكل 3-2: رجال يجلبون الجزية من أفريقيا السوداء لتقديمها للفرعون تحتمس الرابع، تعود تقريبا إلى ما بين 1425 إلى 1417 قبل الميلاد (المتحف البريطاني).
كما هو معروف جيدا، كانت «لغة التواصل الوسيطة» في أواخر عهد المملكة الآشورية هي الآرامية، وليست الآشورية، وكان ثمة تأثير قوي للعبادات والنصوص الدينية البابلية في نينوى، وكانت القصور الآشورية تعج بمشغولات فينيقيا العاجية وأثاثها. بالإضافة إلى ذلك، فإن تهجير الشعوب المدحورة وتوطينها في الإمبراطورية الآشورية في آخر عهدها جعلها مدينة كوزموبوليتانية في تركيبتها بدرجة متزايدة. وينعكس هذا الأمر في النحت الآشوري؛ حيث أظهر النحت، وفقا لقول جوليان ريد، اختلاف مظهر الشعوب التي أخضعوها وثقافاتها، و«قد كانت هناك عناية فائقة في تسجيل الملبس والخصائص الأخرى المميزة للشعوب الأجنبية.»
5
مع ذلك، على الرغم من كل الدمج والاقتراض على مستوى الدولة فإن ملوك آشور ونخبتها لم يغفلوا مطلقا عن الهدف الأسمى للإمبراطورية، ذلك الهدف الذي يقول عنه ماريو ليفيراني إنه تحت غطاء الشكل المقدس «يكون أساس الأيديولوجية بالكامل (أي أساس الإمبريالية الآشورية) هو نظرية التنوع كمبرر لعدم الاتزان والاستغلال.»
Shafi da ba'a sani ba