وهنا يحتاج إلى بيانها من الشرع ، فالأمر المتعلق بالأفراد إرشادي مسوق لبيانها ، والملزم أمر آخر متعلق بالجامع مكشوف بهذا الأمر ، وذلك لضرورة استحالة استناد المصلحة الواحدة التي يريد الآمر تحصيلها من كل واحد على البدل إلى المتعدد ، فإذا قال : أكرم زيدا أو عمروا فلا بد أن يكون بينهما جامع كانت المصلحة مترتبة على إكرامه كالأبنية للبكر.
ويمكن أن يقال : إن البرهان وإن كان مسلما لا محيص عنه ، لكن المدعى وهو تعلق الأمر بالجامع قابل للمنع ، فالغرض والداعي أعني : المصلحة لا بد أن يتعلق بعنوان واحد ولا يلزم أن يكون هذا العنوان متعلقا للأمر ، بل يمكن أن يكون متعلق الأمر عنوانات أخر متعددة.
والأصل في ذلك أنه متى تعلق غرض الآمر بعنوان فلا يلزم عليه توجيه الخطاب نحو هذا العنوان ، بل يمكن توجيهه نحو عنوان مغاير له إما لعدم إمكان توجهه للعنوان الأول ، كما إذا كان مقيدا بداعي الأمر كما مر ، وإما لحكمة يقتضي ذلك مثل أن يكون البعث نحو العنوان الأول موجبا لخطاء المخاطب في مقام تعيين مصاديقه ، فلا جرم يختار الآمر من بين المصاديق عنوانا لا يشتبه على المخاطب مصاديقه فيأمره به.
مثلا : لو تعلق الغرض بعنوان النافع للصفراء فلو أمر به وقيل : اشرب النافع للصفراء ربما يعينه المخاطب في مصداق الضار ؛ فلهذا يؤمر بشرب السكنجبين ، فالحق بعد وضوح فساد كون المتعلق ما هو المعلوم عند الله إتيان العبد به ، وإلا لزم أن لا يكون واجب في حقه على تقدير العصيان وعدم الإتيان ، أو كونه أمرا مبهما مرددا بين الشيئين أو الأشياء واقعا أي عند الأمر لعدم معقولية تعلق الإرادة بالأمر المبهم ، وبعد شهادة الوجدان بأن قول المولى : أكرم زيدا أو عمروا أمر بعنوان إكرام الزيد وعنوان إكرام العمر ولا بعنوان آخر جامع لهما أن
Shafi 101