لا ينال المولى بسببه إلى غرضه ، ضرورة أن للعبد حينئذ أن يأتي بالعمل خاليا عن قصد القربة حتى لا يبقى مورد للأمر الثاني ؛ لانتفاء موضوعه بسقوط الأمر الأول.
فيمكن دفعه بأنا نختار الشق الثاني من سقوط الأمر الأول بإتيان ذات الفعل وسقوط الثاني أيضا بارتفاع موضوعه ولا يلزم محذور أصلا ؛ لأن الوقت إما باق بعد وإما غير باق ، فعلى الأول يوجب الغرض إيجاد أمرين آخرين على ما كانا ، وعلى الثاني يعاقب المكلف على عدم امتثال الأمر الثاني مع ما كان قادرا عليه بوجود الأمر الأول ؛ لأن الأمر الثاني لو فرضناه أمرا مطلقا فعدم إيجاد متعلقه معصية بحكم العقل سواء كان برفع المحل أو كان بنحو آخر وهذا واضح.
ويمكن دفعه أيضا بأنه لا شك أن الأمر المولوي ما يتحقق بسببه الإطاعة والمعصية وهو يتصور على نحوين ، الأول : أن يكون مشروطا ببقاء الموضوع كأن يكون الأمر بغسل الميت مشروطا ببقاء بدنه بحيث لو لم يبق بحاله وانعدم باحتراق ونحوه ولو من قبل المكلف فلا أمر ، فلا معصية ، الثاني : أن يكون مطلقا بالنسبة إليه كأن يكون المطلوب تحقق غسل الميت في الخارج ، وعصيان هذا الأمر كما أنه يتحقق بترك الغسل مع بقاء بدن الميت ، كذلك يتحقق بإعدام البدن ، وحينئذ فللمولى فيما نحن فيه أن يقول لعبده : إني أطلب منك إيجاد إتيان هذا العمل بداعي أمره في الخارج ، فلو أتى به لا بهذا الداعي أطاع الأمر الأول وعصى هذا الأمر.
وأما مبنى الشق الأول الذي هو الوجه الأول أعني : وجوب تحصيل الغرض وعدم سقوط الأمر المتعلق بالأعم بدون تحصيل الغرض الأخص فلم نتعقل له معنى.
ولا بد لتوضيح الحال من ذكر مثال وإن كان أجنبيا عن المقال وهو : أنه لو كان المأمور به وجودا شخصيا كقتل زيد ، ولكن كان الغرض الداعي إلى الأمر غير حاصل إلا مع قيد لا يمكن إدخاله تحت الأمر وأخذه في متعلقه فأتى به المأمور بدون هذا القيد فحينئذ لا يعقل بقاء الأمر وإن كان الغرض الداعي إليه باقيا ؛ ضرورة أن قابلية المحل للأمر أيضا شرط له ، فكما أنه لو كان قتل زيد حاصلا قبل الأمر فالغرض المتعلق به لا يمكن أن يصير علة لحدوث الأمر به ، كذلك لو أتى به بعد الأمر
Shafi 94