396

لكونه تكليفا بما لا يطاق ؛ لفرض عدم العلم بهذا الحكم الشخصي ، والثاني وهو الالتزام والبناء على خصوص أحد الحكمين على نحو التخيير وإن كان ممكنا ولكن لا دليل يدل على ثبوت هذا التكليف التخييري ، وإذا لم يثبت الدليل جاء حرمته من باب التشريع ؛ فإن البناء على خصوص وجوب الوطي في المثال أو خصوص حرمته إدخال لما لا يعلم أنه من الدين في الدين ، فيشمله أدلة حرمة التشريع ، فيكون موافقة احتمالية للحكم الواقعي ومخالفة قطعية لحرمة التشريع.

وربما يتوهم أن الدليل تنقيح المناط فيما ورد في الخبرين المتعارضين من جعل أحدهما طريقا على التخيير ، وأن المناط هو الحكمان المشتبهان اللذان دل عليهما الخبران ، لا خصوص كونهما خبرين ، فإذا دل أحدهما على وجوب الجمعة والآخر على حرمته فالمكلف يشك في أن حكم الله هو الوجوب أو الحرمة؟ فالتخيير يكون من هذا الحيث ، فيجري في كل ما إذا دار الأمر بين حكمين شرعيين ، فمعنى الأخذ بما دل على الوجوب هو الأخذ بالوجوب ، ومعنى الأخذ بما دل على الحرمة هو الأخذ بالحرمة.

وفيه أنه تابع لإثبات كون المناط هذا ، وأنى لأحد بإثباته ، فلا يمكن العلم به ، وإن كان لو علم مناطية ما ذكر صح إجراء الحكم في غير مورد الخبرين المتعارضين بتنقيح المناط.

ثم بعد تبين عدم لزوم البناء على واحد شخصي على التخيير فإن قلنا بأن أدلة حلية كل مشتبه من مثل قوله عليه السلام : كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي غير شاملة إلا لما إذا شك في أصل الإلزام كما إذا كان أحد الطرفين الوجوب والآخر الإباحة ، فهي غير شاملة للمقام مما يكون أصل الإلزام فيه متيقنا ، وحينئذ فمن حيث أصل الإلزام حيث إنه عالم يلزم الانقياد قلبا ، ومن حيث التعين والشخص فحيث إنه جاهل لا يجب عليه شيء.

وإن قلنا بشمول تلك الأدلة لمثل المقام فيجب هنا عليه التزامان الالتزام بالإلزام الواقعي أيا ما كان ، والالتزام بالإباحة والحلية ، ولا منافاة بين الالتزامين

Shafi 399