قولنا : إن جاءك زيد فأكرم العلماء أو كل عالم.
هذا مضافا إلى أن المثال الذي صار محلا للبحث من قوله عليه السلام : «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء» لو سلمنا خلوه عن الأداة المفيدة للعموم وكون النكرة الواقعة في سياق النفي غير مفيدة له بالوضع ، بل إنما حال العموم فيه حال وصف الإطلاق في كونه من لوازم توجه النفس إلى نفس الطبيعة المتوقف على نفي جميع الأفراد وسلمنا في طرف الإطلاق سرايته إلى المنطوق والمفهوم على حد سواء ، ولكنه بعد ذلك يكون المفهوم في المثال موجبة جزئية ؛ وذلك لأن لازم وقوع الإطلاق في حيز النفي كما في منطوق المثال هو العموم والاستغراق ، ولازم وقوعه في حيز الإثبات كما في مفهومه أعني قولنا : إذا لم يكن الماء قدر كر ينجسه شيء هو الجزئية ، فإن الاستغراق هو مقتضى نفس النفي دون إطلاق الدخول ، فإذا تبدل بالإثبات في جانب المفهوم تبدل الاستغراق بالجزئية للاكتفاء في وجود الطبيعة بوجود فرد واحد منها.
الثاني من الوجهين لطرفي هذا البحث أن يقال : بعد فرض تسليم الطرفين كون مقتضى ظاهر القضية إناطة العموم ، أو استفادة ذلك من الإطلاق ووضوح عدم اقتضاء إناطة العموم نفي الإيجاب الكلي في طرف المفهوم وكون التعبير بالإيجاب الجزئي لأنه القدر المعلوم أن المدعى للإيجاب الكلي مدعي وجود معين له من الخارج وهو عموم العلية بدليل النقل.
وبيانه أن المستفاد من القضية الشرطية شيئان ، العلية التامة لتالي الأداة ، وكون العلة منحصرة فيه ، فيكون مفاد قوله عليه السلام : «إذا كان الماء الخ» كون عموم السلب المذكور منوطا بكرية الماء ومعلولا لها ، ولازم ذلك عقلا ثبوت العلية للكرية بالنسبة إلى كل فرد من أفراد العموم المذكور ، وإلا فلو كان العلة في بعضها شيئا آخر لزم أن لا تكون الكرية علة تامة للتمام بل للإتمام ، وأن يكون العموم المذكور حاصلا من أشياء عديدة من جملتها الكرية ، فيكون نسبته إليها نسبة المعلول إلى جزء علته ، وقد كان مفاد القضية كونها تمام علة بالنسبة إلى العموم.
Shafi 265