217

وكيف كان لما بنوا في هذا الباب على ما هو المبنى في باب الدوران بين المتزاحمين من ترجيح أقوى المناطين احتاجوا إلى ذكر وجوه لتعيين الأقوى :

فمنها : أظهرية دلالة دليل الحرمة من دليل الوجوب ، فيستكشف بطريق الإن أقوائية مناط الحرمة دائما فيما إذا كان الدليل على كل واحد من الوجوب والحرمة لفظيا ومتكفلا للحكم العقلي.

وتوضيحه أن دلالة النهي على سراية الحرمة إلى جميع أفراد الطبيعة أقوى من دلالة الأمر على سريان الوجوب إلى جميعها ، وذلك لأن الاولى مسببة عن الوضع ، والثانية مستندة إلى الإطلاق بمعونة مقدمات الحكمة ، والظهور الوضعي يقدم على الظهور الإطلاقي عند التعارض.

ووجهه على ما قرره شيخنا المرتضى قدسسره في مبحث التعادل والتراجيح من الرسائل أن انعقاد الظهور الإطلاقي متقوم ومتوقف على مقدمات تسمى بمقدمات الحكمة ، ومن جملتها عدم البيان ، ولا شك أن الظهور الوضعي هو البيان فيكون له الورود على الإطلاقي بمعنى أنه ينتفي بسببه موضوع الإطلاقي.

وفيه نظر ؛ لأن الظهور الإطلاقي إنما يتقوم بعدم البيان المتصل لا بعدم البيان المطلق ولو كان منفصلا ، بمعنى أن المتكلم ما دام مشتغلا بالكلام لو لم يذكر ما يصلح للقيدية ثم فرغ وكان سائر مقدمات الحكمة موجودة انعقد من هذا الحين الظهور الإطلاقي ، لا أن انعقاده مشروط بعدم ورود البيان ولو بعد أزمان ، فلو ورد بعد ذلك ظهور وضعي مناف له كان من باب التعارض بين الظهورين ، فلا بد من مراعاة الأقوى بينهما وربما كان هو الإطلاقي ، وبالجملة فالحكم بتقديم الوضعي على الإطلاقي بمجرد كونه إطلاقيا وبطريق الكلية ممنوع.

وقد يخدش في أصل الدليل بأن الطبيعة كما يصلح للإطلاق كذلك يصلح للتقييد ، فدلالة اللفظ الموضوع لها على خصوص الإطلاق يحتاج إلى معونة مقدمات الحكمة ، من غير فرق في ذلك بين وقوعه في حيز الإثبات أو النهي ، فكما أن إسراء الحكم الوجوبي المستفاد من الأمر إلى جميع أفراد الطبيعة يحتاج إلى تلك المقدمات ،

Shafi 220