195

المندوحة ترجيح غير ذي المندوحة وإن كان ذوها أقوى ودليله أظهر ، وفي صورة عدمها ترجيح اقوى الملاكين وإن كان دليل غيره أظهر.

ومما ذكرنا ظهر أن ما في الكفاية من الحكم بالرجوع إلى مرجحات باب المزاحمة وترجيح أقوى المناطين عند إحراز الاقتضاء من كليهما في المجمع بناء على القول بالامتناع غير صحيح بإطلاقه ، والصحيح هو التفصيل بين صورتي ثبوت المندوحة وعدمها والحكم في الاولى بتقييد ذي المندوحة وفي الثانية بما ذكره سيما مع كون محل الكلام في هذا المبحث هو صورة ثبوتها.

التاسع : لا إشكال في حصول الإجزاء والامتثال في التوصليات بإتيان المجمع حتى على القول بالامتناع ، لفرض حصول الملاك والمقتضي فيه ، وأما التعبديات فكذا الكلام فيها على القول بالجواز ، بمعنى أن الآتي بالمجمع صدر منه إطاعة ومعصية ، وأما على القول بالامتناع فلا إشكال في عدم حصول الإجزاء والامتثال لو كان الفاعل عالما بموضوع الحرام وحكمه ؛ لوضوح عدم إمكان مقربية الوجود المبعد ، وكذا لو كان جاهلا بالحكم عن تقصير أو ناسيا بمقدمة اختيارية أو شاكا فيه قبل الفحص ، هذا على المختار على تقدير الامتناع من تقييد جانب الأمر وترجيح جانب النهي ، وأما على ما اختاره صاحب الكفاية من ترجيح أقوى المناطين فمع ترجيح جانب النهي يكون الحال كما على المختار ، ومع ترجيح جانب الأمر يحصل الإطاعة بدون المعصية في جميع الأقسام.

بقي الكلام فيما إذا كان الفاعل معذورا سواء كان جاهلا بالموضوع أو بالحكم عن قصور ، أو ناسيا له بمقدمة غير اختيارية ، أو شاكا فيه بعد الفحص.

فنقول : يمكن القول بصحة العبادة وإجزائها في هذا الفرض على القول بالامتناع أيضا ، بحيث لو تبين الخلاف بعد العمل مثل ما إذا تبين بعد الصلاة كونها واقعة في الدار المغصوبة لم يجب الإعادة ولا القضاء ، وإتمام هذه الدعوى يكون بأحد من ثلاثة وجوه :

الأول : أنه لا يعتبر في العبادة وجود الامر ولا قصده ولا داعيه ، وإنما المعتبر

Shafi 198