160

إلى الإرادة لا يوجد المبغوض ، ففي طرف العدم يكفي عدم إحدى المقدمات ، ولما كان الصارف أسبق رتبة منها يستند ترك المبغوض إليه دون الباقي ، فيتصف بالمحبوبية دون ترك إحدى المقدمات الخارجية ، فلا يكون فعلها متصفا بالحرمة.

«فصل»

هل الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص أم لا؟ أقول : لما كانت المسألة مبنية على مقدمية ترك الضد لفعل ضده فاللازم التكلم فيها ، فنقول : هل ترك الضد مقدمة لفعل ضده ، أو فعله مقدمة لترك ضده ، أو كل منهما مقدمة للآخر أي ترك الضد مقدمة لفعل ضده وفعل الضد أيضا مقدمة لترك ضده ، أم لا توقف في البين؟ والمعروف من تلك الاحتمالات هو الأول والأخير ، فلا نتعرض لغيرهما ، وستطلع على بطلانه في أثناء البحث.

والقائل بتوقف فعل الضد على ترك ضده الآخر إما أن يقول به مطلقا كما عليه جل أرباب هذا القول ، أو تفصيل بين الرفع والدفع ، بمعنى أنه لو كان الضد موجودا وأراد إيجاد الآخر يتوقف إيجاده على رفع ضده ، وإن لم يكن موجودا وأراد إيجاد ضده لم يكن موقوفا على ترك الضد.

ثم إن وجه التوقف يمكن أن يكون أحد امور ثلاثة ، الأول أن يقال : بأن ترك الضد ابتداء مقدمة لفعل الضد ، والثاني : أن يكون مقدمية الترك من باب مانعية الفعل ، والثالث: أن يكون من جهة عدم قابلية المحل ؛ فإن المحل لما لم يكن قابلا لأن يرد عليه كلاهما فصار وجود كل منهما متوقفا على خلو المحل عن الآخر.

وكيف كان فلنشرع فيما هو المقصود وقبل ذكر أدلة الطرفين لا بد وأن يعلم حكم حال الشك لنرجع إليه إذا عجزنا عن القطع بأحد الطرفين.

فنقول : لو شك في كون ترك الضد مقدمة بعد علمه بوجوب مقدمة الواجب وعلمه بوجوب فعل الضد الآخر ، فهل الأصل يقتضي الحكم بصحة العمل إن كان من العبادات أو الفساد؟ قد يقال بالأول ؛ لأن فعلية الخطاب مرتفعة بواسطة الشك

Shafi 163