131

والزيد لا يصيره مرتبطا بالنسبة ؛ فإن معاني أجزاء الكلام يدخل في الذهن متدرجا ، ولا شك أن النسبة هنا يتصور قبل تصور القيد ، فتصور القيد إنما يكون بعد تمامية النسبة ، وحينئذ فإن جعل القيد حين تصوره مرتبطا بمفهوم الضرب من حيث هو هذا المفهوم أو بمفهوم زيد كذلك ، والمفروض أن ذلك بعد تمامية النسبة ، فلا محالة يكون أجنبيا عنها.

فارتباطه بالنسبة إنما يحصل بأحد الوجهين ، إما بملاحظة أصل النسبة في اللحاظ الثاني مستقلا بعنوان هذه النسبة الموقعة بين الطرفين مثلا وجعل الظرف قيدا لها ، وإما بجعله قيدا للضرب بوصف كونه منسوبا إلى الضمير أو للزيد بوصف كونه من وقع عليه الضرب ، فيحصل تقييد النسبة على أي حال.

الثالث : أن القيد في القضية الطلبية على وجهين ، الأول : أن يكون بحيث يسري إليه الطلب ويقتضي إيجاده من المكلف ، والثاني : أن لا يسري إليه الطلب ، مثلا الصلاة مع الطهارة تارة يكون مطلوبة بحيث يجب على المكلف إيجاد الطهارة لو لم تكن موجودة ، واخرى يكون بحيث لو كانت الطهارة حاصلة وجبت الصلاة ، فالطلب في القسم الثاني متأخر عن القيد.

وأما تصوير أنه كيف يعقل إيجاد الطلب قبل وجود هذا القيد مع كونه قيدا له فبأن يقال : لا شك في أن وجود القيد في الخارج ليس مؤثرا في وجود الطلب في النفس ؛ إذ لا يعقل تأثير الخارج البحت في إيجاد الطلب والإرادة وأمثالهما في النفس ، والشاهد على ذلك أنا كثيرا ما نرى من علم بوجود القيد بالجهل المركب يسعى في تحصيل مقدمات مطلوبه ، وهذا بخلاف ما إذا وجد القيد في الخارج وهو لم يطلع على ذلك ، فإنه لا يسعى في تحصيلها ، وهذا يكشف عن عدم الدخل للخارج أصلا وكون تمام الدخل للصورة العلمية النفسية.

وحينئذ نقول : كما أنه لو حصل العلم الحقيقي بحصول القيد يوجب حصول الطلب في النفس ، كذلك لو فرض حصوله يكون لهذا الفرض أيضا ذاك التأثير ، وسره أن الفارض يرى بفرضه الخارج ويكون فرضه حاكيا عنه فهو علم جعلي بحصول

Shafi 134